19 سبتمبر 2025

تسجيل

حضارتنا المتألقة في القرون الوسطى

08 فبراير 2014

الحضارة هي الجهد الذي يقدم لخدمة الإنسان في كل نواحي حياته، أو هي التقدم في المدنية والثقافة معاً، فالثقافة هي التقدم في الأفكار النظرية، مثل القانون والسياسة والأخلاق والاجتماع وغيرها، وبالتالي يستطيع الإنسان أن يفكرتفكيرا سليما، أما المدنية فهي التقدم والرقي في العلوم التي تقوم على التجربة والملاحظة، مثل الطب والهندسة والزراعة وغيرها، وقد سميت بالمدنية لأنها ترتبط بالمدينة، وتحقق استقرار الناس فيها عن طريق امتلاك وسائل هذا الاستقرار، فالمدنية تهدف إلى سيطرة الإنسان على الكون من حوله وإخضاع ظروف البيئة للإنسان، لابد للإنسان من الثقافة والمدنية معاً، لكي يستقيم فكر الأفراد وسلوكياتهم، وتتحسن حياتهم، ولذلك فإن الدولة التي تهتم بالتقدم المادي على حساب التقدم في مجال القيم والأخلاق، دولة مدنية وليست متحضرة، ومن هنا فإن تقدم الدول الغربية في العصر الحديث يعد مدنية وليس حضارة، لأن الغرب اهتم بالتقدم المادي على حساب القيم والأخلاق، أما الإسلام الذي كرم الإنسان وأعلى من قدره فقد جاء بحضارة سامية، تسهم في تيسير حياة الإنسان. قال صاحبي: ما هي سمات الحضارة الإسلامية؟ قلت: لقد وصف المسلمون في القرون الوسطى بأنهم أصحاب حضارة عظيمة، والسبب في هذا أن الحضارة الإسلامية كانت عالمية المنبع والمصب، فقد استفاد المسلمون من تراث الأمم السابقة، في صورة التراث اليوناني والفارسي والهندي، ولم يجدوا مشكلة تعوقهم في ترجمة هذا التراث نظراً لازدهار العالم الإسلامي من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية، فقد تألقت الحضارة بسبب اقتصادي، وضع المسلمون أيديهم على منافذ خطوط التجارة العالمية وسيطروا على مناطق من البحر المتوسط حتى سور الصين العظيم والشمال الإفريقي وجنوب غرب أوروبا في صورة شبه جزيرة ايبيريا، وكذلك البحر المتوسط، حيث نمت تجارة المسافات البعيدة، حتى أنه لقد صدرت من خراسان بعيدا عن مصر والشمال الإفريقي، وبذلك سارت في أيديهم أموال سائلة ضخمة لتحويل مشاريع الترجمة والتشييد والبناء، ومن حسن حظ المسلمين أنهم سيطروا على مراكز التراث القديم في الهند ومصر وفارس، فكانت حضارتهم متألقة.يذكر أن الحضارة الإسلامية كانت ذات بُعد إنساني واضح، كما اتسمت بطابع التسامح ولم تعرف التعصب، فقد أشار كلود كاهن (1909 – 1991م) إلا أن روح التسامح إن لم تشهدها الحضارات العالمية قديما أو حديثا ويكفي أن عظماء الأطباء كان منهم اليهود والمسيحيون مثلا ذلك حنين بن اسحق (810م – 877م) الذي أجاد اليونانية والسريانية والعربية، وأيضا موسى بن ميمون (1135م – 1304م) وهو طبيب يهودي بارع وواحد من سبعة أطباء كانوا مرافقين شخصيين لصلاح الدين الأيوبي، وبذلك التقى الإسلام والمسيحية واليهودية في حضن حضارة واحدة عالمية قامت بمشروع حضاري في القرون الوسطى عجزت عن القيام به، وإنما قامت بمشروع متعصب في صورة الحروب الصليبية.هذا وبالله التوفيق.