17 سبتمبر 2025
تسجيللم يكن قرار شركة الريان للوساطة المالية بتعليق أنشطتها في بورصة قطر لمدة سنتين، بالقرار المفاجئ، ذلك أن المتابعين لنشاط هذه الشركة وغيرها من شركات الوساطة، كانوا يدركون منذ بعض الوقت أن شيئا من هذا القبيل سوف يحدث إن عاجلاً أو آجلا، ليس للريان فقط، وإنما قد يحدث لشركات أخرى مستقبلا. فأعمال الوساطة ليست بالأمر الهين وتستلزم توافر حد أدنى من المتطلبات التقنية والتجهيزات، وعدد مناسب من الموظفين الأكفاء لمتابعة أوامر العملاء، وكل ما يتبع ذلك من خدمات. وهذه المستلزمات جميعها تتكلف ملايين الريالات سنوياَ. ومن ثم فإن زيادة عدد الشركات إلى 11 شركة منذ عام 2012، مع تراجع أحجام التداولات سنة بعد أخرى، قد جعل بعض الشركات يتكبد خسائر مالية، كما حدث لشركة دلالة في عامي 2015 و2009، أو أن مستويات الأرباح تكون ضعيفة جداً على أقل تقدير، ولا تتناسب مع وضعها كشركة وساطة، كما في أرباح الإسلامية القابضة في بعض السنوات.ولكي نقترب أكثر من الموضوع نشير إلى أن الشركات الأربع الكبرى للوساطة قد استحوذت في عام 2016 على ما نسبته 69.26% من إجمالي التداولات التي بلغت نحو 138 مليار ريال بشقي الشراء والبيع. ومن ثم فإن السبع شركات المتبقية قد حصلت على ما مجموعه 30.7% فقط، وحصلت شركة الريان على أقل نسبة منها وهي 0.27%. وهذا الحصة توفر للشركة دخلاً مقداره 656 ألف ريال من العمولات. وهذا المبلغ على ضآلته قد يعود جزء منه للعملاء في إطار التشجيع على شراء صفقات وبيعها في نفس اليوم. الجدير بالذكر أن حصة الريان من التداولات قد بدأت بنسبة 0.16% في عام 2012 ووصلت ذروتها في عام 2014 إلى 0.59%، ثم تراجعت إلى 0.27% في عام 2016. وهذا التراجع ينسجم مع تراجع تداولات البورصة الإجمالية هذا العام إلى 69 مليار ريال مقارنة بـ93 مليار ريال في عام 2015 و200 مليار في عام 2014. وبالتالي فإن شركة الريان للوساطة درجت على تحقيق خسائر مالية دون أن يبدو في الأفق أي أمل لتحسن الوضع، وخاصة مع جمود عدد الشركات المدرجة في البورصة عند مستوى 44 شركة منذ دخول شركة الريان لنشاط الوساطة.ولأن الخروج من نشاط الوساطة ليس بالأمر السهل، ويحول دونه القانون المنظم لعمل تلك الشركات، حيث إن أيا منها تظل خاضعة للمساءلة عن حسابات العملاء لعدد كبير من السنوات، لذا فإن شركة الريان قد اختارت حلاً وسطاً يعفيها من تحمل المزيد من الخسائر، مع إبقاء الباب مفتوحاً أمامها إذا ما لاحت فرصة مناسبة للعودة للبورصة مجدداً. ولكن قد يكون بالإمكان النظر في خيار آخر يجعل الشركة تتحول إلى مرحلة تحقيق الأرباح عن طريق خفض تكاليف التشغيل. ويتم ذلك عن طريق الاندماج مع شركة أخرى أو أكثر، باعتبار أن التكلفة التقنية للتشغيل سوف تتقلص كثيراً. وهذا الخيار يجب أن يكون مطروحاً بشدة في هذه المرحلة بدلاً من التفكير في التجميد، أو الخروج من السوق. الجدير بالذكر أن قرار التجميد سيتم تنفيذه بعد أن تم الحصول على موافقة الجهات الرقابية، وبالتشاور والتنسيق مع كل من هيئة قطر للأسواق المالية وبورصة قطر وشركة قطر للإيداع المركزي، وأنه قد تم تحديد يوم الخميس الموافق 12 يناير 2017 كآخر يوم للتداول عن طريق الشركة، وسوف يتم تحويل جميع أسهم العملاء لحساباتهم بشركة قطر للإيداع المركزي وذلك قبل أن تجمد الشركة نشاطها اعتباراً من يوم الخميس 23 فبراير2017.ومن الواضح أن خيار التجميد سيكون صعباً على الشركة وعلى العملاء على حد سواء بينما قرار الاندماج هو خيار سهل وقابل للتنفيذ، ويضغط نفقات التشغيل بشركة الريان، بما يضعها على طريق تحقيق الأرباح في وقت قصير.