14 سبتمبر 2025

تسجيل

التكيّف مع الأزمات

08 يناير 2016

عندما يصاب البعض بأحد الأمراض المزمنة أو يتعرض لبعض المواقف التي تحتم عليه تغيير نمط حياته، يبدأ يتقمص وبشكل لا شعوري وأحيانا بيقين تام دور الضحية والمغلوب على أمره ويتحول هذا التقمص إلى استسلام سلبي للحدث ومن ثم إلى سلوكيات ترضخ للأزمة المزمنة سواء كانت وضعا جديدا (كـ الطلاق مثلا) أو حالة مرضية مزمنة (كمشاكل النوم مثلا). لقد اعتاد البعض أن ينظر للظروف بأنها أقوى منه وأنه ربما اختلف عن الآخرين في مصابه، وأن يتحمل ما لا يتحمله غيره، ويبدأ في مطالبة المحيطين به بضرورة الالتفاف حوله وإيجاد المبررات والأعذار لمزاجه المتقلب وسلوكياته المتمحوره حول ذاته ومشكلته.ومن هنا يبدأ تصعيد الأزمة حيث يستخدم البعض المرض أو بعض الظروف ليحتمي بها كحيلة دفاعية لرفض ما لا يريده من مسؤوليات وواجبات حيال المقربين به، فهو يخشى انقطاع عطائهم بينما يتكاسل هو عن تقديم ماعليه.. إن أزمة البعض وخاصة ممن يحملون سمات الشخصية الأنانية أو النرجسية هو تقزيم احتياج الآخرين وتعظيم ذاته وكل ما يخصه، فهو يتعامل مع أزماته بهالة من الانفعالات والمشاعر حتى يحصل على ما يريده من إشغال الآخرين وعطفهم ولفت انتباههم.وفي المقابل، نرى الأصحاء نفسيا وأولئك الذين يحتكمون إلى العقل قبل العاطفة ينظرون للأزمات جسدية كانت أو اجتماعية على أنها جزء من حياتهم ربما يصعب التخلص منها ولكن يمكن الافتنان في التعامل معها وإدارتها بل واستخدامها كأدوات لاستنهاض القدرات الشخصية والمهارات السامية التي من خلالها يتم ضبط وتنظيم المشاعر وتفعيلها لتكون بمثابة عوارض لا تتسبب في إتلاف عطاء الفرد أو خموله للجود فيما هو مخول له.إن أزمة البعض في هذه الحياة أنه يترك الظروف المحيطة به تتحكم في برمجة حياته وتزداد المشكلة تعقيدا عندما يرى أنه محور الكون وعندما يفشل في التكيف والتعايش مع أزماته يرغم من حوله على الخضوع له ولتقلباته التي تتعمد أو لا تتعمد تهميش الآخرين. وهو بذلك ومع مرور الوقت والاستمرار على وتيرة المنهج الخاطئ.. ومع كل ذلك قد لا يملك هذا الشخص البصيرة الكاملة بتجاوزاته المعرفية، وإنما هو سلوك اعتاده وحقق من خلاله بعضا مما يريد وربما حقق شيئا من السعادة المؤقتة . إن تحقيق الأمان النفسي لا يتحقق من الاستمرار في التشاكي، وإنما هو حاجة تتحقق من خلال التعامل المعرفي الناضج مع كافة أشكال الأزمات والعقبات.