18 سبتمبر 2025

تسجيل

الوطن لا يرتهن لخطأ ولا لخطيئة ولا لشخص ولا لحزب

08 يناير 2015

مواقف وسياسات محمود عباس والمجموعة التي تتحرك معه قد صارت تمس جوهر القضية وتصطدم بالصمود الفلسطيني.. فماذا بعد أن يحرض الانقلاب المصري صراحة على غزة والمقاومة؟! وماذا بعد أن يمنع صراحة إعمار غزة؟! وماذا بعد أن يقوموا بتجريف أسباب ومشجعات المصالحة؟! وماذا بعد مخالفة الإجماع الفلسطيني والتفرد حتى عن الموافقين والأنصار في المضي غير الجدي إلى مجلس الأمن.. مضافا كل ذلك إلى ما داوموا عليه من التنازلات والتنسيق الأمني مع الاحتلال والتنكر لحق العودة وقتل أي فرصة لانتفاضة ثالثة تلملم شعث القضية، ومضافا ومتراكما مع تفكيكهم لجوهر حركة فتح والمنظمة وتطويعها للسلطة ثم للاحتلال.. وأقول: بالتطور المنطقي وبالاستنفاد الطبيعي للزمن وبتكرار التكتيكات وانكشاف الألاعيب.. فإن هؤلاء - عباس ومجموعة رام الله - لم يعد بيدهم إلا القليل القليل من التكتيكات التي بها يلاعبون الرأي العام ويتلاعبون بالقضية ويمدّون في أزمان بقائهم فيما الاستيطان والتهويد يهزآن بهم وبنا ويلتهمان متبقي الثوابت ويقضيان على كل إمكانية لإقامة دولة مستقلة على أي قدر من الأرض.. تكتيكات عباس ومجموعة رام الله المتبقية والمنكشفة هي خمس محدودة معدودة ومحصورة ومكشوفة لم يعد لديهم أو بيدهم سواها. الأول: مشاغلة المقاومة بالخصومة تصعيدا وتخفيضا. الثاني: تلهية الرأي العام الشعبي بالإغراق الاقتصادي والديون البنكية والثقافة الاستهلاكية ومسرحيات أكبر علم وأكبر صحن حمص.. الثالث: إلهاء الثوار بمظاهرة على خطوط التماس وتصويرها إعلاميا واعتبار الفرج الأكبر أن يسقط شهيدا رمز كزياد أبو عين. الرابع: إلهاء النخب السياسية وصبغ صفحات الإعلام بذهاب فاشل لمجلس الأمن أو بخطاب استعراضي في الأمم المتحدة أو بتوقيعات شكلية على اتفاقات دولية يحول دونها ألف سبب ويقصر بها ألف عجز. والخامس: احتواء القواعد التنظيمية لحركة فتح بالرشاوى الوظيفية أو العوائد الامتيازية أو بصراع داخلي كالذي مع دحلان وأبو زايدة والمشهراوي. والسؤال المركزي بين كل هذا الركام.. هل تستطيع أن تتنصل من المسؤولية أو تحمي نفسها من المحاسبة التاريخية تلك الجهات والمسميات والاعتباريات الرسمية التي يتربع على سدتها ويتحرك تحت سقوفها هؤلاء النفر القليل عديدهم الكثيرة أخطاؤهم وخطاياهم!. فهم يمثلون الموقف الرسمي لحركة فتح وللسلطة ولمنظمة التحرير الفلسطينية ولدولة فلسطين!!، فلا يمكن ترقيع صورة هذه المؤسسات بمقابلة تلفزيونية أو بخطاب مصور لاجتماع ينثرون فيه تعبيرات الوفاء للوطن وتعهدات الثبات أو يلقون فيه قنابل صوتية لا تهز شعرة في العدو ويرجح أن تكون منسقة معه أصلا!! يبدو أن هذه الزمرة الطارئة على التاريخ والقضية الفلسطينية إنما تفعل ما تفعله وتعجز عما تعجز عنه وتترك ما تتركه لهدف، هو توطئة منظمة فتح وتطويع منظمة التحرير وكسر ثقافة المقاومة وقسمة الشعب الفلسطيني وصولا إلى مرحلة لا تقودها فتح! وإن لم يقدها سلام فياض والهباش وعدنان الضميري فأشباههم متربصون. ولماذا لا نعتقد ذلك ونحن نراهم يقدسون التنسيق الأمني مع الاحتلال ويمارسونه في كل الأحوال كثابت دائم وأوحد نظريا وعمليا لأدائها اليومي بخلاف كل ما عرف التاريخ من حركات وعن حركات التحرر؟. ولماذا لا نعتقد ذلك ونحن نراهم يولّدون من ثناياهم ما يطلق عليه "الفلسطيني الجديد" الذي هو صنيعة الاحتلال وملكيته الخاصة، ونراهم يحملونه على أكتاف فتح ويرتقون به في المواقع ويكسبونه شرعية التمثيل ويطلقون يده في لحم ودم الشعب والقضية وفي معظم الأحيان بالاستقلال عن فتح وعن المنظمة وعن الإجماع الفلسطيني؟ ثم لماذا لا نعتقد ذلك وبين أيدينا تجربة جنوب لبنان الذي أقام فيه العدو كيانا مشابها لسعد حداد وأنطوان لحد بفارق وحيد هو أن أولئك ابتدأوا بالعمالة وانتهوا بها، فيما هؤلاء ابتدأوا بوطنية وتواريخ ثورية ثم انتهوا لما نرى؟ آخر القول.. لقد أوصلوا القضية إلى ما لا يجوز السكوت عنه ولا لإعادة التجريب فيه.. ولم يعد السؤال هل ما تفعله مجموعة رام الله مجرد أخطاء أم هي خطايا.. ولكن من يوقف هذا التدهور؟ ومتى نترك المجاملات الفارغة، فالوطن لا يرتهن لخطأ ولا لخطيئة ولا لشخص ولا لحزب، فضلا عن أن تكون فلسطين!!