06 نوفمبر 2025
تسجيلاحترت في اختيار عنوان لمقال اليوم هل سأكتب الأحد الأسود أو الأحد الحزين أو الأحد المؤلم أو الأحد القاتل أو المخيف أو المرعب أو الجارح لأن غداً الأحد سيجري الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب السوداني ولأن النتيجة معروفة كما تشير كل الدلائل بالانفصال عن الوطن الأم، فإن هذا يعني بالنسبة لكل عربي من المحيط إلى الخليج يوماً أسود في حياة الأمة العربية لأن في هذا اليوم ستبتر أرض عربية من الجغرافيا بل ستسرق هذه الأرض بل أنها ستنتهك وتغتصب وتسلب والمؤلم والمحزن أن الأمين على وحدة تراب هذه الأرض لا يمانع في انفصالها بل إنه يقول سيفرح مع الآخرين الذين يختارون الانفصال، هذا في حال اختيارهم مثل هذا الخيار وهو يعلم جيداً أنهم انفصاليون وسوف يختارون الانفصال. هذا الموقف يدعو للدهشة والاستغراب، فكيف يحتفل من هو أمين على وحدة تراب وطنه بانفصال جزء من هذا الوطن، كيف يمكن له أن ينسى أنه رئيس كل السودان والجنوب جزء من هذا الوطن ومن يريد تجزئة وتقسيم السودان فهو لا يريد خيراً لهذا البلد وشعبه. كيف يمكن لنا أن ننسى دماء آلاف الشهداء السودانيين من الشمال والجنوب الذين سقطوا دفاعاً عن وحدة السودان ووحدة ترابه وشعبه. ونندهش ونستغرب نحن حملة الفكر والقلم وقد دافعنا بأقلامنا وأفكارنا عن وحدة السودان الشقيق ويأتي من يكسر ويحطم هذه الأقلام. ونندهش ونستغرب أيضاً أن النظام السوداني المدافع كما نعرفه عن الحقوق العربية، خاصة الحق العربي في فلسطين وتحريرها من البحر إلى النهر يوافق على ضياع قطعة من أرضه الواحدة. كيف لهذا النظام الذي صمد حتى الآن أمام الضغوط الأمريكية والمخططات الصهيونية أن يسمح بالنيل من وحدته ومن استقلاله ومن إرادته وتعرض هذا النظام لأبشع وأقذر وأعتى أساليب الحصار والتآمر وتحمل الكثير من إرهاب هؤلاء الأعداء بل إن رئيسه السيد عمر حسن البشير تعرض لأبشع أنواع الابتزاز والإرهاب من خلال محكمة الجنايات الدولية في ملاحقته وإصدار أمر بالقبض عليه ورغم ذلك صمد هذا النظام وصمد رئيسه واليوم يفرط في أرض سودانية. النظام السوداني يعرف جيداً تلك المحاولات العديدة منذ زمن طويل التي قامت بها قوى معادية للأمة العربية والسودان بالذات في محاولة سلخ الجنوب السوداني عن الوطن الأم، خاصة العدو الصهيوني والإدارات الأمريكية المتعاقبة وهذه الحقائق أصبحت معروفة لكل عربي، فكيف لهذا النظام أن يوافق على مخططات ورغبات هؤلاء الأعداء. كيف يمكن للنظام السوداني الحاكم اليوم أن يسجل التاريخ أن أرض الجنوب ضاعت في عهده وكان شاهداً على هذا الضياع بل وموافقاً عليه. كيف يمكن لنظام عربي أن يوافق على ضياع أرض عربية وشطبها من جغرافية الوطن العربي. وتزداد دهشتنا ويزداد استغرابنا أن النظام الرسمي العربي يتفرج على هذا الانفصال بل أنه "شاهد طلاق" على هذه الجريمة بحق الأمة العربية. لقد علمنا التاريخ وعلمتنا الجغرافيا أن السودان له حدود محددة وأرض واحدة وسيادة على هذه الأرض ومعترف بهذه الحدود الجغرافية دولياً وعربياً في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، فكيف نغير هذه الحقائق الجغرافية والتاريخية وبإرادتنا وموافقتنا وتأييدنا. لا أستطيع القول إلا إن غداً يوم حزين ومؤلم وأسود في حياتنا العربية، و"حسبنا الله ونعم الوكيل".