29 أكتوبر 2025

تسجيل

ألا تستنصرُ لنا ؟

07 ديسمبر 2023

منذ بداية العدوان الصهيوني على غزة، أصبح واضحاً للعالم كله، أن الهدف الرئيسي للصهاينة هو القيام بقتل أكبر عدد ممكن من الضحايا المدنيين، كإحدى وسائل تطبيق استراتيجية الأرض المحروقة، مصحوبة بدعم سياسي وعسكري أمريكي غير عاقل ولا محدود، من أجل تحقيق الهدف الأسمى للصهاينة الكامن في تهجير قسري لفلسطينيي غزة، ثم يتبعهم في المستقبل القريب، فلسطينيو الضفة الغربية، دون إيلاء أي اهتمام للرأي العام العالمي أو ما يسمى بالقانون الدولي. هناك خطة فعلية تم الإعلان عنها مؤخراً في وسائل الإعلام، وجار العمل على تنفيذها وتجسيدها على أرض الواقع، أرض غزة الأبية، كما لو أنها إعادة قصة ومحنة الهنود الحمر في أمريكا الشمالية، لكن هذه المرة في فلسطين! إن عمليات القتل الجماعي الممنهجة وتدمير المنازل والكيانات المدنية الأخرى والبنية التحتية في غزة، كلها دلائل واضحات على ذلكم المخطط الصهيوصليبي الخبيث. ستون يوماً من العدوان الصهيوني المستمر على غزة، لا شك أنه ليس نوعاً من الانتقام لأولئك الذين لقوا حتفهم في السابع من أكتوبر المجيد، وإلا لكان هذا العدوان قد توقف بعد مقتل نفس العدد من الفلسطينيين. لكن التدمير الهائل للمستشفيات والمنازل والمدارس والمساجد والبنية التحتية، دليل واضح على أنها رغبة صهيونية تقاطعت مع أخرى صليبية وإقليمية، من أجل تهجير سكان غزة، وبدعم أمريكي غربي، وهندي كذلك، بالإضافة إلى الاشتباه في تورط بعض أنظمة عربية من تلك التي تشعر بخطر بقاء حماس في حكم غزة على وجودها ! بمعنى آخر، يبدو أن غزة ووجود حماس تحكمها، بمثابة حجر عثرة أمام كل أولئكم القوم الذين لا يمكن الشك لحظة في أنهم طحنوا وعجنوا أموراً بليل بهيم، وينتظرون نهاراً يقومون فيه بعملية التخبيز – إن صح التعبير – لكن غزة وحماس صارت عقبة صلبة في سبيل إكمال ما تم تدبيره، وبالتالي لابد من إزالة العقبة بكل وسيلة ممكنة، جائزة شرعاً وعرفاً وقانوناً، أم غير جائزة.. العقلية الصهيونية لا تتغير العقلية الصهيونية بشكل عام لا تزال هي نفسها. لم تتغير ولن تتغير حتى بعد قرن من الزمان. إنها باختصار، عقلية وحشية مجرمة، لئيمة وعنصرية مستعلية، تحتقر الآخرين وتزدريهم. بل يمكن اعتبار الصهاينة وخاصة بعد المشاهد التي نشاهدها يومياً في غزة، حفنة كائنات من خارج النظام البشري (سمّاعـون للكذب، أكّالون للسحت). جرائمهم الأخيرة هي واحدة من أوضح الأدلة التي لا ينبغي أن تمر هكذا مرور الكرام، لا يلتفت إليها أحد مثل كل المرات السابقة.. بل المطلوب من كل أحد صاحب ضمير وإنسانية ودين، وبكل الوسائل الممكنة والمتاحة، تسجيل جميع جرائم الحرب المرتكبة في غزة، وإن قال بعضكم: ما فائدة ذلك، وكلنا يدري أنه لا توجد جهة دولية يمكنها محاسبة هذه الحفنة القذرة من الكائنات. لكن مع ذلك أقول: لابد من اتخاذ الأسباب، فلا يمكن أن يستمر هذا الظلم، ولن يدوم هذا التجاهل والخور العالمي، بل (لا تدري لعل اللَّه يُحْدثُ بعد ذلك أمرا). إذن المطلوب إعداد قائمة بأسماء جميع المتورطين في جرائم الحرب، سواء قامت بها حكومات عربية أو مسلمة، أم منظمات حقوقية ومؤسسات مدنية أخرى، من أجل محاكمة كل متورط في جرائم الحرب، وبالطبع سيكون النتن ياهو على رأس القائمة، إلى جانب قادة الجيش الصهيوني، وبعض السياسيين الغربيين، الذين أيدوا علنا إبادة غزة. كمية الإجرام الصهيوني على غزة قد تدفع بنا أحياناً للشعور باليأس، وعدم التفاؤل بما هو قادم، بل ربما يصل بنا اليأس مبلغاً يظن أحدنا أن الغلبة ستكون دون شك للصهاينة المجرمين. لكن على رغم التفاوت الهائل بين القوتين، فإنه على المسلم الحقيقي أن يتذكر أمثلة كثيرة من تاريخنا القديم إلى الحديث، حيث النصر يتحقق لمن يؤمن بقضيته، يقاتل ويدافع عنها ابتغاء مرضاة الله، بغض النظر عن قلة العدد والعتاد. هذا اليقين وهذا الإيمان، سببان كافيان لبقاء جذوة مصارعة الباطل متقدة بالنفوس، ولنا في معركة بدر، أبرز الأمثلة التاريخية القديمة، ومثال أفغانستان من التاريخ الحديث، وكيف أن فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله. وظني أن غزة العزة، ستكون مثالاً جديداً ستتحدث عنه الأجيال القادمة إن شاء الله. لن ينتصر الصهاينة. هذه حقيقة لا يجب أن نشكك فيها وحولها، وسيهزمهم المسلمون مثلما هزموا المغول وغيرهم ممن هاجموا حواضرنا المتنوعة في أزمنة مختلفة. إنها مسألة وقت ليست أكثر. وستبقى فلسطين لشعبها الأصيل، وهذه حقيقة تاريخية يجب على كل من يعيش في كيان الاحتلال أن يفهمها قبل فوات الأوان. تقوية الصلة بالسماء ربما أهل غزة من الكرب الذي هم فيه الآن، قد وصلوا للمرحلة الشبيهة بتلك التي وصل إليها كرام البشر، صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فترة مظلمة كئيبة، حين استنصر خباب بن الأرت الرسول الكريم، بدافع من ضغط التعذيب ووحشية كفار قريش ضدهم، قائلاً له ( ألا تستنصرُ لنا ) فيأتيه رد نبوي فوري واضح المعالم:» كان الرجلُ فيمن قبلكم يُحفَرُ له في الأرض، فيُجعل فيه، فيُجاء بالمنشار، فيُوضَع على رأسِه، فيُشقُّ باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عَظْم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكبُ من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون». خباب - رضي الله عنه - سأل الرسول الكريم الدعاء بالفرج وطلب النصرة من الله من شدة العذاب والأذى الذي يتعرضون له من كفار قريش. لكنه - صلى الله عليه وسلم - أرشدهم إلى الصبر والصمود وعدم استعجال النصر، فإنها فترة ابتلاء قصيرة ستنجلي، ويتحقق لهم وعد الله، وقد كان. إن أهل غزة الآن في شدة وأذى مشابهين لما كان عليه الصحابة الكرام، لكن الفارق أن أهل غزة يعانون الظلم والعدوان على مرأى ومسمع من العالم كله. لكن صبرهم وصمودهم العجيبين على خذلان القريب، قبل عدوان البعيد وصمتهم المريب، هما مفاتيح جلب وعد الله، وتحقيق الغلبة المنشودة، ويومئذ سيفرح المؤمنون بنصر الله. خلاصة ما يمكن بها ختم هذه الكلمات، أنه كلما تعمقت صلتنا بالسماء، لا سيما أهل غزة الممتحنون الآن، وقطع كل رجاء من الأرض وما عليها، كلما قرب اليوم الموعود بإذن الله. فكما أغرق الله فرعون في اليم ذليلاً خاسئاً، وأُلقي أبوجهل وبن خلف وغيرهما من رؤوس الكفر في القليب جثثاً عفنة، فكذلك ستكون نهايات رؤوس الكفر، بايدن، بلينكن، نتن ياهو، بن غفير وبقية مجرمي الحرب ورموز الخذلان من العربان والغربان. وستكون نهاياتهم أليمة بإذن الله، بعد أن تدور الدوائر عليهم عاجلاً أم آجلا، وما ذلك على الله بعزيز.. (ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا).