30 أكتوبر 2025

تسجيل

ملامح الاقتصاد القطري في عام 2015 (2-2)

07 ديسمبر 2015

كتبت في الأسبوع الماضي عن ملامح الاقتصاد القطري قبل أسابيع قليلة من نهاية العام 2015 عام، وأشرت إلى أن الاقتصاد يعبر في هذه الفترة من مرحلة سابقة اتسمت بالتوسع والنمو، مع تحقيق فوائض كبيرة،، إلى مرحلة أخرى أطلت نُذرها، وبانت ملامحها،، فبدت مختلفة تماماً عن خمس سنوات خلت منذ العام 2010. وقد تناول المقال السابق عدة جوانب مهمة من الوضع الاقتصادي في قطر؛ هي على التوالي أسعار النفط، ووضع الجهاز المصرفي، ومعدل التضخم، وأداء البورصة، ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي. وقد حفل الأسبوع الماضي بجملة من التطورات التي أثرت وتؤثر بدرجات متفاوتة على ملامح الاقتصاد القطري، ونشير إليها على النحو التالي:1- صدر التقرير الشهري لوزارة التخطيط التنموي والإحصاء، عن عدد السكان المسجلين في قطر بنهاية شهر نوفمبر الماضي، وتبين منه زيادة العدد بنسبة 8,5% عما كان عليه قبل سنة وصولاً إلى مستوى 2,463 مليون نسمة. ومعنى ذلك أن العدد الكلي سيتجاوز 2,5 مليون نسمة بنهاية شهر ديسمبر الحالي. وهذه الزيادة الكبيرة في معدل النمو السنوي للسكان والتي لا تزيد في الظروف الطبيعية عن 3%، تخلق على الأرض معطيات جديدة، وتؤثر على كافة المجاميع الاقتصادية للدولة. ومن هنا، فعلى الرغم من تراجع أسعار النفط –على نحو ما سيرد في البند التالي- وتراجع معدلات النمو الاقتصادي بالأسعار الجارية نتيجة لذلك، وارتفاع سعر صرف الريال المرتبط بالدولار في الشهور الأخيرة وما يعكسه من انخفاض في قيمة الواردات، فإن معدل التضخم قد مال إلى الارتفاع في الشهور الأخيرة بعد أن سجل قدراً من التراجع إلى مستوى 1% في الربع الثاني من العام. وقد كان من المفترض أن يؤدي انخفاض أسعار النفط وخفض الإنفاق، مع تقوي سعر صرف الريال أمام العملات غير الدولارية، إلى حدوث المزيد من الانخفاض في تكاليف المعيشة، إلا أن الزيدة السكانية المضطردة المشار إليها تعمل على إحداث زيادات مستمرة في الطلب على السلع والخدمات، ومن ثم ترتفع الأسعار.2- انخفض سعر نفط الأوبك مع نهاية الأسبوع الماضي إلى مستوى 37,9 دولار للبرميل، بما يعني أن سعر نفط قطر البري قد انخفض إلى أقل من 40 دولاراً للبرميل، وهو أدنى سعر للخام منذ عام 2008. وهناك مخاوف من هبوط السعر إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل في عام 2016. وفي تقديري الشخصي أن هكذا انخفاض قد لا يحدث، وإذا حدث يكون لفترة قصيرة، فعلى الرغم من وجود فائض كبير في المعروض تقدره الأوبك بنحو 924 مليون برميل، بخلاف الاحتياطيات التجارية والاستراتيجية لكل الدول، فإن أي انخفاض في سعر البرميل يؤدي إلى توقف الأبار التي تنتج بتكلفة عالية تفادياً لحدوث خسائر كبيرة، إضافة إلى أن انخفاض الأسعار يثبط همم المستثمرين في البحث والتنقيب عن النفط ويؤدي إلى زيادة الطلب على النفط نتيجة انتعاش الوضع الاقتصادي في الدول المستهلكة. ويساعد ذلك في المجمل على سرعة العودة للتوازن بين العرض والطلب في أسواق النفط، وتعود الأسعار بالتالي إلى الارتفاع من جديد. الجدير بالذكر أن انخفاض أسعار النفط قد أثرت بشكل واضح على المجاميع الكلية للاقتصاد القطري، ومن ذلك انخفاض فائض الحساب التجاري (أي الفرق بين الصادرات والواردات) في أكتوبر الماضي بنسبة 49,7% عن أكتوبر 2014 ليصل إلى مستوى 12,1 مليار ريال فقط. كما سيؤثر انخفاض سعر النفط على اعتمادات الموازنة العامة للدولة التي ستظهر قريباً وسنعرض لها في مقال مستقل عند صدورها، باعتبارها من الملامح الهامة للاقتصاد القطري في هذه المرحلة.3- سجل المؤشر العام لبورصة قطر انخفاضاً جديداَ في الأسبوع الماضي، وإن بنسبة قليلة لم تتجاوز 0,4%. وبدا أن السوق تقاوم حدوث انخفاضات كبيرة في هذه المرحلة من السنة التي تسبق موسم الإعلان عن نتائج عام 2015، وتوزيع الأرباح على المساهمين. وقد يجد المؤشر فيما تبقى من العام 2015، بعض الدعم فوق مستوى 10380 نقطة؛ الذي هو مستوى إقفال المؤشر لعام 2013. وسنعود إلى هذاه النقطة بالتفصيل في مقال آخر لبيان ما وصلت إليه مكررات الربح لكل سهم في الفترة الحالية، ومن ثم معرفة الأسهم التي تبدو أكثر جاذبية من غيرها، على ضوء الأرباح المتوقعة لكل شركة، ومن ثم التوزيعات المحتملة على المساهمين.