15 سبتمبر 2025

تسجيل

الاستبداد الغربي

07 ديسمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قد يظن البعض أن هناك خطأ ما في العنوان يحتاج لتصويب كونه يجمع بين الغرب والاستبداد، إذ من المفترض أن يكون العنوان هو "الديمقراطية الغربية"، باعتبار أن الغرب هو واحة الديمقراطية في العالم، أو يكون العنوان "الاستبداد العربي" لكون معظم النظم العربية بعيدة عن الديمقراطية، إما شكلا أو معنى أو الاثنين معا، مع بعض الاستثناءات الطفيفة. لكن هذا العنوان مقصود ذاته من قبل الكاتب الذي قد يتهمه البعض بوجود مواقف أيديولوجية مسبقة لديه بصفة خاصة ولدى العقل العربي بصفة عامة تجاه الآخر الغربي. لكن سأسوق الدليل على ما أقول من واقع ممارسات الغرب ذاته، ولكن قبل هذا قد يكون من المفيد تعريف الاستبداد السياسي. ببساطة ودون الدخول في تباينات السياسيين بشأنه، فإن الاستبداد هو نقيض الديمقراطية والحرية. فالاستبداد يعني القمع والقهر للآخر المعارض بدافع الأمن وتحقيق الاستقرار. لكن ما علاقة الغرب بهذا، أقول إن الغرب معني بالأمر من زاويتين: الأولى: الشعارات التي تم رفعها مؤخرا بعد أحداث باريس والقائلة بأن الأمن قبل الحرية.. وهي نفس الشعارات التي ترفعها النظم المستبدة في عالمنا العربي عندما تريد تبرير استبدادها أو عدم قيامها بإصلاحات ديمقراطية، مثل إجراء انتخابات حرة نزيهة. وهنا قد يقول قائل إن هناك ظرفا قهريا دفع الدول الأوروبية لذلك، وأن هذا أمر استثنائي، نقول له هذا أمر جيد، لكن هناك مجموعة من التساؤلات بشأنه مثل: هل سيتم تطبيقه على مواطنيها ذوي الأصول الأوروبية، أم سيقتصر الأمر على المنحدرين من أصول عربية وإسلامية، ناهيك عن اللاجئين الفارين من جحيم الدول المستبدة، ثم هل سيتم التمييز بين المتطرف "الإسلامي" وغيره، أم سيتم توسيع دائرة الاشتباه، وثالثا: هل سيتم اتخاذ إجراءات مماثلة مع قوى التطرف الأخرى الأوروبية، سواء اليمينية أو اليسارية، أم سيتم تفسير أقوالها وأفعالها بأنها فردية لا تعبر عن التوجه العام لدى الدولة المعنية؟الزاوية الثانية لوصم الغرب بالاستبداد هي القاعدة الشهيرة "من أعان ظالما فهو ظالم مثله"، وبالتالي فالكثير من النظم الغربية مستبدة لدعمها المباشر لنظم عربية مستبدة أو من خلال عدم اتخاذ إجراءات حاسمة ضد هذه النظم لصالح شعوبها.. وبدلا من حديث هذه النظم الغربية عن قضية اللاجئين كقضية إنسانية، لابد من البحث عن الأسباب الكامنة وراءها والتي هي ضالعة فيها بعدم اتخاذ إجراءات فاعلة بحق الدول الطاردة لهؤلاء. إن إطلاق الدول الغربية بعد أحداث باريس لشعار الأمن قبل الحرية ستكون له تداعياته السلبية على دول المنطقة، بل وعلى الدول الأوروبية ذاتها. فمن ناحية سيعطي هذا الشعار المسوغ للنظم المستبدة في عالمنا العربي لممارسة المزيد من الاستبداد، لاسيَّما وأنها صارت مثلا وقدوة لأوروبا الديمقراطية في تأكيد مقولة إن الأمن هو الهدف وأنه السبيل لتحقيق الاستقرار المنشود. وبالتالي فلن يتم الحديث من الآن فصاعدا عن الديمقراطية وأنها –بحسب غالبية علماء السياسة- السبيل الوحيد لتحقيق استقرار سياسي منشود، وليس استقرارا زائفا هشا قائما على فرض الأمن والقمع. كما أنه قد يؤدي لبروز مزيد من قوى التطرف والتشدد داخل المجتمعات الأوروبية من ناحية ثانية.يبدو أن الجميع – سواء نظم الغرب أم الشرق- تناسى بعض مقولات « بنيامين فرانكلين »، أحد مؤسسي الولايات المتحدة، حينما قال: «هؤلاء الذين يستبدلون الأمن بالحرية لم يستحقوا أياً منهما». وقوله أيضا: "الصدق أفضل سياسة".