02 نوفمبر 2025

تسجيل

لماذا لا ينفذ حزب العمال الكردستاني تهديداته؟

07 ديسمبر 2013

تكاد تكون تهديدات حزب العمال الكردستاني للحكومة أو الدولة التركية خبرا روتينيا لا تثير الخوف أو السعي للتحسب لما هو أخطر. في مطلع الأسبوع الحالي أطلق جميل بايق رئيس مجلس القيادة في حزب العمال الكردستاني وعيدا لحكومة رجب طيب أردوغان بأنها إذا لم تبادر إلى خطوات جدية لحل المشكلة الكردية من الآن وحتى الربيع المقبل فإن الخيار الوحيد أمام الحزب هو الحرب الشاملة. وقال بايق إن الأكراد لن ينخدعوا مرة جديدة. منذ حوالي السنة بدأت عملية جديدة من المفاوضات بين الدولة التركية وزعيم الحزب عبدالله أوجالان المعتقل في جزيرة ايمرالي التركية منذ العام 1999. وكانت المعادلة هي وقف النار وانسحاب المقاتلين الأكراد من داخل تركيا إلى شمال العراق مقابل إصلاحات دستورية تعترف بالهوية الكردية يليها تخلي الأكراد عن العنف ومن ثم إطلاق سراح اوجالان وسائر المعتقلين المؤيدين لحزب العمال الكردستاني. غير أن العملية توقفت عند وقف النار وانسحاب جزء من المقاتلين الأكراد من دون أن تفي الحكومة بأي وعد تعهدت به للأكراد. المفارقة أنه رغم تهديدات "الكردستاني" وتحديد المهل من وقت لآخر لاستئناف الحرب مع الجيش التركي إلا أنه لم ينفذ أيا منها وكان يمدد المهل المرة تلو الأخرى. لابد من الإشارة إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية لم تقدم للأكراد منذ أن وصلت إلى السلطة في العام 2002 أي تنازل جوهري واقتصر ما تقدمه على شكليات وقشور لا تمس المطالب الكردية وفي مقدمها الحكم الذاتي والاعتراف بالهوية الكردية. وإذا كان التعنت التركي محسوما في ظل ذهنية إنكار حقوق الأقليات ولاسيَّما الكردية واللعب على الوعود لتقطيع الوقت، غير أن عدم انتقال الأكراد إلى فتح جبهة الحرب من جديد ضد تركيا يثير تساؤلات ويكاد يفقد تهديدات قياداتهم مصداقيتها. يجد الأكراد أنفسهم أمام أكثر من عامل يدفعهم إلى التريث في العودة إلى السلاح لتحصيل حقوقهم. الأول أن الحرب الأهلية في سوريا لم تعد محلية وباتت مسرحا لتصارع القوى الإقليمية والدولية منذ بداياتها. وفي هذا المناخ ظهرت فرصة ذهبية لأكراد سوريا لكي يعبروا عن خصوصيتهم رغم أن عددهم ليس كبيرا وبالكاد يصل إلى مليونين. للمرة الأولى يجد حزب العمال الكردستاني في تركيا مسيطرا عبر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا الذي يترأسه صالح مسلم على جزء من كردستان الكبرى في الشرق الأوسط وهو شمال سوريا. هو فشل في ذلك في داخل تركيا وفي شمال العراق النفوذ لمسعود البرزاني وجلال الطالباني. ومن أجل تعزيز هذه السيطرة في سوريا ليس حزب العمال الكردستاني مستعدا لفتح جبهة في الداخل التركي قد تضعف دعمه العسكري لأكراد سوريا في انتظار ما ستسفر عنه عملية جنيف 2 الخاصة بسوريا. إذ إن نجاحه في ترسيخ سيطرته هناك سيكون ورقة مهمة بيده في عملية المفاوضات مع الدولة التركية نفسها بشأن أكراد تركيا. ورغم توجهاته العسكرية فإن حزب العمال الكردستاني يعير أهمية لإثبات حضوره السياسي في تركيا عبر الانتخابات البلدية التي ستجري في مارس المقبل وإظهار أن أكراد تركيا هم مع حزب العمال الكردستاني وليسوا مع أردوغان ولا مع البرزاني الذي ينسق في هذه المرحلة مع أردوغان ضد أوجالان. كما أن حزب العمال الكردستاني ربما يرى أن ما يمكن أن يقدمه أردوغان للأكراد هو أفضل، على قلة التقديمات، مما يمكن أن تقدمه المعارضة الممثلة بحزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية المتشددين قوميا. لذا يعمل "الكردستاني" على إغراء أردوغان ودفعه دفعا لتقديم شيء ما، حتى لا يخرج خالي الوفاض ويدخل في حرب تؤذي تركيا ولكنها لا تضمن تراجع الدولة التركية بمعزل عمن يكون في السلطة سواء من الإسلاميين أو العسكريين أو العلمانيين. لكن الانتظار الكردي لا يمكن أن يكون طويلا جدا وقد ينفذ حزب العمال الكردستاني تهديداته في الربيع المقبل بعد انتهاء الانتخابات البلدية إذا لم يحدث تطور إيجابي على صعيد المطالب الكردية. لكن انفتاح معركة رئاسة الجمهورية التي ستجري في الصيف المقبل سيكون له انعكاسات وحسابات أخرى على المسألة الكردية وهذا سيكون موضع تناول في إحدى المقالات المقبلة.