10 سبتمبر 2025
تسجيلكثيرًا ما نسمع ونقرأ عن أن المثقفين هم نبض المجتمع، وأنهم ضميره النابض بالحياة، المعبر عن أفراده، الراصد لأحلامهم، والناقل لآمالهم، والمجسد لتطلعاتهم. واليوم، ونحن أمام عدوان همجي على أشقائنا في فلسطين، لاسيما قطاع غزة، تبدو الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى إلى صوت ثقافي عربي موحد، يكون له موقف جامع، تجاه الغطرسة الصهيونية، وما تحظى به من دعم غربي لافت، وخاصة الدوائر السياسية، والتي سرعان ما أدركت الهدف الإستراتيجي لمعركة «طوفان الأقصى»، فما كان من قادة هذه الدوائر إلا أن استقلوا طائراتهم إلى الكيان الغاصب، لإبداء تضامنهم ودعمهم له بكافة الأشكال، وهو التضامن الذي أسقط معه كافة الأقنعة، التي كان يغلف بها الغرب شعاراته الزائفة، وأدناها - وإن كان أعظمها- حق الإنسان في الحياة. ولسنا هنا في معرض الحديث عن سياقات أخرى، غير السياق الثقافي، لنطالب عبر هذه السطور المثقفين العرب، وكياناتهم الجامعة في العالم العربي ليكون لهم موقفًا ثقافيًا معبرًا عن دعم ونصرة فلسطين، فقد حان الوقت ليكون للمثقف دوره الذي يعبر من خلاله عن ضميره الإنساني، وواجبه الديني، إذ لدينا في العالم العربي العديد من الكيانات الثقافية المشتركة، والتي يمكنها أن تقوم بأدوار ثقافية عدة، إذا صدقت النوايا، وتحركت دواخلنا حماية أبسط حقوق الإنسان، ليسجل المثقفون العرب موقفًا لأنفسهم أولاً، يبرأون به أمام خالقهم وجمهورهم، قبل أن يكون دعماً لغيرهم من أشقائهم في فلسطين. وهنا، أستحضر مواقف الراحل د. علي رضوان، الرئيس السابق لاتحاد الآثاريين العرب، والذي لم ألتقه يومًا إلا ويحدثني عن فلسطين وآثارها، وقيمة القدس وأهميتها، وضرورة الحفاظ على وجودها الحضاري، وبعدها التراثي، والعمل دون كلل لإفشال محاولات تهويدها، وطمس وجودها. والواقع، فإنه بعدما أقدم المحتل الغاصب على جريمته النكراء، بالسعي الحثيث لتصفية المواطن الفلسطيني، ومن ثم تصفية قضيته، وقضية العرب والمسلمين الأولى، وفي القلب منها القدس الشريف، فإن الأمر يستدعي حالة النفير الثقافي، ليكون للمثقفين كلمتهم، انطلاقًا من واجبهم، فجرائم الاحتلال المتلاحقة لا تستدعي كثيرًا من الدعة والراحة لإطلاق أجزل العبارات، أو إلقاء خطب عصماء، فما يجري معركة وجود، عبر عنها قادة الكيان بكل وضوح، فإما أن يكون لنا دور ثقافي عربي تجاه نصرة فلسطين، أو يلفظنا التاريخ.