16 سبتمبر 2025

تسجيل

رحم الله الحجاج عن ولده

07 أكتوبر 2012

يبدو أن التوابيت القادمة من العراق لا تحمل جثث المعدومين هناك فقط بل تحمل معها رسائل عدة من أهمها تلك التي يبعث بها النظام العراقي إلى العالم أجمع بفحوى أن العهد الجديد في بغداد ربما يكون أشد دموية ووحشية من عهد الرئيس السابق صدام حسين. فقدر العراق أن تظل تجري على أرضه انهار شتى خلاف دجلة والفرات. فنهر من الدماء لا ينقطع فوق أرض الرافدين. وحيث امتعض الشعب السعودي قاطبة من التجاوز السلطوي في العراق لأحكام مجلس القضاء الأعلى العراقي بوقف تنفيذ الإعدام شنقا بحق عدد من السعوديين المتهمين في قضايا أمنية هناك ورغم إجماعنا على أحقية كل نظام في الحفاظ على أمن واستقرار وطنه بل واعتبار ذهاب البعض إلى العراق اجتهادات فردية تتجاوز جملة من المحاذير الأمنية وهو ما دعا بالسعودية إلى التفكير في إقامة جدار أمني فاصل بين البلدين إلا أن كل ذلك لا يعطي الحق للنظام العراقي ومحاكمه تلفيق التهم جزافا. فالسعودي مازن ناشي الذي نفذ فيه حكم الإعدام أواخر الشهر الماضي ونقلت جثته إلى المملكة كان حسب محاميه محتجزاً لدى القوات الأمريكية أثناء تفجير مركز الشرطة المتهم فيه كذلك غيره من المتهمين والمنتظرين على قائمة الإعدام أو المغيبين في السجون هناك مما يفسر الحالة القائمة في العراق بالحنق وشهية القصاص لمبررات لا تدين المتهم بالجريمة فحسب بل لاعتبارات سياسية وأجواء إقليمية وتلك واحدة من الرسائل التي يمكن من خلالها اعتبار العهد العراقي الجيد لا يأبه بقنوات التعاون والتواصل الممتدة له مع عروبته وجيرانه. بل يحسبه البعض شريكاً متضمناً في مهمة الغزو الأمريكي إذ لم يكن احتسابه الشريك الأهم والمحرض الذي تنفذ المهمة لصالحه وفق سيناريوهات محلية في العراق وإقليمية في عموم المنطقة وربما هي بوابة لمشروع الشرق الأوسط الجديد بمضمونه وأفكاره التي تستهدف تغييراً جيوسياسياً في المنطقة. لذلك كان التطبيل السلبي والصاخب ضد صدام ونظامه وأسلحته الدمار الشاملة جزءا من حملة التسويق لنظام المنطقة الجديد وشكلها السياسي المرتقب اكتماله، فمع تكرس رائحة الموت وحبال المشانق وفساد الذمم كيف يمكن للعالم أن يمايز بين نظامين وبين فترتين فقد غدا الحاضر كالماضي في بغداد إذ لم يكن أكثر سوءا بتكرار القتل ونهب الوطن والضحك على الشعب بل وفرض استعداء الشعوب الشقيقة وتوريط رعاياها في جرائم القتل والدمار تغطية لقصور أمني واضح ولتبرير جملة من المواقف والشواهد السياسية. فقد تحدث محامو المحكومين بالإعدام وحتى السجناء أنه يتم تعذيب موكليهم وتبصيمهم تحت التهديد على أوراق بيضاء يصل عددها للفرد الواحد إلى ثمانين ورقة لا تحمل أي مضمون، ورغم مشروع اتفاقيات تبادل السجناء بين البلدين السعودية والعراق إلا أنه يبدو أن لتعذيب السعوديين نكهة خاصة لدى السجانين ونظامهم هناك لذلك يماطل بهذا الملف كثيراً دون أن يصل الجميع إلى نتيجة، عموما بقدر ما تهمنا جميعا حياة كل مواطن ونحبذ حرصه على السلامة والالتزام بالأنظمة أينما ذهب حفظاً على نفسه وسمعة وطنه. كما إننا نقر بالعدالة وحق كل الشعوب في نيلها وضرورة تطبيقها صيانة للمجتمعات. إلا أنه يؤلمنا أن تساق الأنفس إلى المقاصل للإعدام على الهوية دونما ذنب مباشر لهم في قضايا تلفق لهم فقط، وفي العراق الآن تبدو حالة من الضبابية القاتمة تتصدر المشهد لتغيب العدالة وربما كل الحقوق. لذلك نكرر مقولة العراقيين السابقين " رحم الله الحجاج عن ولده ".