10 سبتمبر 2025
تسجيليرى عالم النفس النمساوي وطبيب الاعصاب سيغموند فرويد أن شخصية الانسان معقدة وتتكون من أكثر من عنصر، وهم (الهو – الأنا – الأنا العليا)، وتعمل هذه العناصر معاً من أجل خلق سلوك بشري معقد، ويضيف أيضا أن لكل عنصر من هذه العناصر خاصية فريدة في الشخصية وتفاعلهم معاً يترك تأثيراً قوياً على الشخص، وأن هذه العناصر تظهر في فترات مختلفة من حياة الشخص. فالـ هو بأنه المكون الوحيد من الشخصية الموجود منذ الولادة، ويكون غير واع باطني بالكامل ويتضمن سلوكيات فطرية غريزية وبدائية ويحكمه مبدأ اللذة لإشباع كافة الشهوات والرغبات والاحتياجات بشكل فوري، وفي حال لم تتم تلبية هذه الاحتياجات حالاً، تكون النتيجة الشعور بالتوتر أو القلق مثل عند زيادة الجوع أو العطش تبدأ محاولة الانسان لتناول الطعام أو شرب الماء. أما الـ الأنا فإنه يعمل هذا الجزء في الشخصية على العقل الواعي وهو المسؤول عن التعامل مع الواقع، ويحكمه مبدأ الواقع والذي يسعى لتحقيق حاجات ورغبات بطرق واقعية ذات قبول اجتماعي، وهو مبدأ يعتمد على قياس كل العواقب والمكاسب لكل فعل قبل التصرف بناء على الاندفاعات أو التخلي عنها وفق مبدأ الاشباع المؤجل وانها تسمح للشخص بالقيام بالأمر لكن في الوقت والمكان المناسبين فقط، وقد شبه فرويد فرويد الـ هو بالحصان والـ أنا بالفارس الذي يمتطيه، فالحصان يوفر القوة والحركة في حين أن الفارس يوفر التوجيه والإرشادات، ومن دون وجود الفارس، سوف يجول الحصان في أي مكان يرغب به ويفعل ما يحلو له، يعطي الفارس توجيهات وأوامر للحصان ويخبره في أي اتجاه عليه أن يذهب. ومثال على تحكم وتناغم العمل بين الهو والأنا فإنه تخييل بأنك عالق في اجتماع طويل في العمل وتجد ان احساسك بالجوع يزداد مع مرور الوقت، وسوف تحاول الهو اجبارك على ترك المكان والاندفاع نحو غرفة الطعام لتناول وجبة خفيفة، في حين تقوم الأنا بتوجيهك نحو الجلس بهدوء والانتظار لحين انتهاء الاجتماع أولاً. أما العنصر الثالث وهو الأنا العليا وفقاً لنظرية فرويد فإنها تظهر في سن الخامسة وتحمل المعايير والقيم الاخلاقية التي يكتسبها الشخص من الأسرة والمجتمع وتمثل عن احساسه بالصواب والخطأ، وما هو مقبول اجتماعياً وما هو غير مقبول وتتكون من قسمين هما (الضمير) وتعني أي المعلومات ينظر إليها الأهل والمجتمع بشكل سلبي تعتبر هذه السلوكيات عادة ممنوعة ويؤدي ارتكابها لعواقب سيئة كالعقاب أو الشعور بالذنب والندم، والقسم الثاني (الأنا المثالية) وتشمل القواعد والمعايير العليا التي يطمح الشخص للوصول إليها وتطبيقها، وتحاول الـ أنا العليا جعل سلوكنا مثالياً ومتحضراً، وتقوم بقمع كافة دوافع الـ هو غير المقبولة وتكافح لجعل الـ أنا تعمل وفقاً لمعايير مثالية بدلاً من المبادئ الواقعية، وتتواجد الـ أنا العليا في العقل الواعي وغير الواعي، ومثال على موقف تعامل الأنا العليا أن يرغب شخص بسرقة معدات المكتب في العمل ولكن تقاوم الـ أنا العليا هذه الرغبات من خلال التركيز على حقيقة أن السرقة عمل غير شريف ومحرم، ومثال الطالب لم يذاكر جيداً في الاختبار ويريد أن يغش من زميله ولكنه يتراجع عن ذلك خشية أن ينكشف وهو يعلم أن الغش سلوك خاطئ. ويذكر فرويد أن الشخصية المعقدة او غير المتوازنة تنشأ حيث يحدث صراع بين عناصر الشخصية الثلاث، وأن ما يحكمها قوة الأنا على العمل بشكل مستمر رغم النزاع بين هذه القوى المختلفة، وأن قوة الأنا المتحكمة تتعامل مع الضغط في المواقف بشكل جيد وتكون قاسية مع السلوكيات المدمرة مما يحدث التوازن الذي نراه في الخارج في ظل الصراعات التي تحدث بداخل بين الهو والأنا. خاطرة،،،، كلما بدا لك الشخص مثاليا أكثر من الخارج، كان يمتلك شياطين أكثر من الداخل. سيغموند فرويد