19 سبتمبر 2025
تسجيلأستذكر مثلاً قديماً متداولاً والعبرة منه تفادي الخوف حتى لا ينقلب ما في الخيال إلى واقع: "من يخاف من العفريت يطلع له"، ولا أعتقد بأنه مثل جيد في الحقيقة من حيث التطبيق لتفادي الخوف على قدر فرض المثل للتفسير عن واقع موجود ولكنه ينتظر سبباً أو حجةً ما للخروج. وكما أستمر في نقدي لبعض من الأمثلة الشعبية على الرغم من تعلقي ببعضها، إلا أنها كدلالات قد لا توائم الزمان والمكان المعاصر، بل قد تتناسب مع ذاك الظرف في تلك الحقبة. وعلى الرغم من تقصيري في استذكار أمثلة أخرى أكثر ارتباطاً بالعبرة من هذا المقال، ولكن لربما يستمر هذا المثل بالذات بالنسبة لي في شبه فاعليته ولو اختلفت الدلالات فيه. دائماً ما تلاحظ خشية المجتمع من التوترات المحلية ومحاولة تفاديها من خلال تعزيز مبدأ التلاحم. إلا أن بدأت تظهر الدلالات المثبطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع قرب مجلس شورى، الحدث التاريخي الأهم حالياً على الصعيد المحلي. ولكن قد نكون حالياً في مرحلة انتقالية وحساسة، إذ لا تكمن مشكلتها وإصلاحها من مجلس شورى والذي من المفترض أن يمسك زمام الأمور لاحقاً في حل مثل هذه القضايا، على قدر ظهور المكبوت فيها خلال هذه المرحلة لمن ظن أنه مقيد للمشاركة الشعبية والمبني مفهومها ودستورها على مبدأ المواطنة باعتبارها مصدر الحقوق ومناط الواجبات من دون تمييز. وهنا أستذكر حملة التلاحم الاجتماعي والتعاضد وقت الشدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تمت مشاركة الحملة عبر شمولية الدلالة على أن الشعب قبيلة كبيرة. وتفاوتت الآراء من تلك الحملة كما عبر البعض عن حساسية التعميم من تلك الشمولية التي وضعت مجتمعا بأكمله تحت ظرف القبلية وجردته من الاحتقانات الفئوية الأخرى كالعائلة، المناطقية وغيرها، والتي تدرج جميعها تحت مظلة الاندماج الاجتماعي والولاء من دون سيادة فئة على أخرى. للحملة الكبيرة تلك تبعات لاكتساحها الافتراضي، إذ أثرت على مفهوم التمدن في الدولة الحديثة. ومن هنا نلاحظ تأثر العلاقة وتصادمها مع تيار الحداثة، ويصعب الفصل بين الاثنين إذا ساد الأول على الثاني. وعلى الرغم من ذلك الاحتضان في الشمولية القبلية على دولة حضارية، إلا أن احتقنت هذه الحملة بعد معايير الانتخاب في مجلس الشورى للمواطن. واختلفت الآراء في النهاية حول مدى الانتماء الذي يسمح للمشاركة السياسية. اللحمة الوطنية المحلية سمة أساسية لدى المجتمع القطري، كما يستمر الاعتزاز والتباهي بضعف الصراعات المحلية مقارنة بدول أخرى مجاورة، ولكن ما إن كانت الواجهة الرئيسية للتعبير الشعبوي أصبحت بيد الجميع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ستخشى من ضرر النسيج الاجتماعي والمطالبة بالمواطنة المتساوية بالحقوق والواجبات وفقاً للدستور. ومن خلال هذا المشهد بالتحديد، تغيرت أسس الارتباط بالحملات بحسب الزمان وتغيرت فاعلية حملة قبيلتي قطر وحتى تصبح الحاجة أقرب للشمولية لوطني قطر، وهذا النداء الصحيح الذي يشمل كافة فئات المجتمع دون سيادة شريحة على أخرى. نحن مقبلون على حراك شعبي دستوري، وعلى الرغم من بعض الألم الذي تتعرض له هذه المرحلة الانتقالية الجديدة، يظل المثل القديم في محله من حيث الخشية من التوتر من وجود العفريت، أي من ظهور المشاحنات المحلية افتراضيا وليس من حيث الواقعية، فلا يزال هناك وقت لإخماد التوتر خلال هذه المرحلة الانتقالية الحساسة، فهذه مسؤولية، ومحاولات انصاف، وأقل القليل في ظل توتر مجتمعي حاصل. [email protected]