12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لدينا مشكلة خطيرة. فحالة الفوضى التي يشهدها العالم الإسلامي تسببت بدمار وصدمة عميقة تجاوزت جميع التوقعات. ذهبت مشكلتنا أبعد من السياسة، وتسببت بفقدان الأرض، وتقسيم البلاد، وهجرات جماعية، وأخيرًا زلزال سياسي، وموت الكثير من المواطنين. والأسوأ من ذلك، أن الأزمة ليست ذاهبة نحو التهدئة، بل إن عمقها ومجال تأثيرها آخذ بالاتساع. أنا لست ممن يديرون وجوههم نحو الغرب ويناقشون مسؤوليته عن كل هذا الكم من الحرائق المشتعلة في المنطقة. وبدلًا من ذلك، أفضل الانغلاق على الذات وإجراء نقد ذاتي. ذلك أن الجميع يعرف ما الذي فعله الغرب خلال حملاته الصليبية وما الذي يفعله الآن ويريد فعله لاحقًا. ما أريد مناقشته هو، ما الذي نفعله نحن في ظل تعرض بلادنا، وأرضنا، ومجتمعنا لكل هذه الهجمات؟ ما الذي نفعله من أجل حماية بيوتنا ومدننا من هذا السيل العارم؟ وكيف يمكننا مواجهة هذه الهجمات؟ علينا مناقشة المشاكل الموجودة في بنيتنا الفكرية قبل الحديث عن مشاكلنا البنيوية، علينا النظر إلى ما هو أعمق. فطريقة تفكيرنا هي التي تتسبب لنا بمشاكل بنيوية. أعرف أن هذا النقاش قديم جدًا. إلا أن أساس المشكلة تبدأ من هنا، لذلك ينبغي أن نبدأ العمل من النقطة ذاتها. المسلمون لم يتمكنوا من إنتاج بديل خلاق للحضارة الغربية. رغم أن الحداثة قلبت حياتنا رأسًا على عقب، إلا أننا لم نتمكن من صياغة بديل عنها حتى الآن. في الواقع، ينبغي قبل كل شيء، إعادة صياغة نموذج الفكر الإسلامي، ومراجعة الأسباب التي تقف وراء ظهور منظمات مثل "داعش" التي تتبنى التطرف والعنف، و"فتح الله جولن" الذي يدعي الدفاع عن الإسلام المعتدل، وكيف تحولت تلك المنظمات إلى صف المعادين للمجتمعات المسلمة. بات لزامًا علينا إجراء مساءلة جادة تتناول المصادر الفكرية والفهم الديني والبنية الفكرية التي تغذي تلك المنظمات. يجب إيقاف هذا النزيف الحاد نحن بحاجة لتدخل يوقف هذا النزيف الحاد، ويوفر علاجًا للمناطق الملتهبة المنتجة للبكتيريا. ما دام هذا النزيف الحاد موجودًا، فلن يكون بإمكان العالم الإسلامي الحديث عن مشاكل ومفاهيم أخرى مثل التطور والتقدُّم. وأعتقد أن لهذا السبب بالضبط، تعمل الدول الغربية على دعم المنظمات الإرهابية وإطالة عمرها مما يوفر استمرار النزيف الحاد أطول فترة ممكنة. وعليه، ينبغي إجراء إصلاحات فكرية تقاوم تلك البكتيريا وتجفف مصادرها. علينا أن نفعل ذلك بجرأة. علينا أن نواجه أخطاءنا وعيوبنا. وقتئذ نستطيع استئصال البنى المريضة ومعالجة الالتهابات التي تسمح بتكاثر البكتيريا. علينا مناقشة عشرات المواضيع المهمة جدًا مثل الإدراك الديني، والتصورات الطائفية، ومفهوم الإنسان المسلم، والعلاقات بين الدين والدولة، والمصادر الإسلامية، والعلمانية، والحضارة، والعلاقات بين الإسلام والغرب، والحداثة، والتقاليد، كما علينا اتخاذ قرارات صعبة في هذا المجال. ولتحقيق ذلك ينبغي أن يكون هنالك رغبة حقيقية لدى علماء الدين والفقهاء والفلاسفة والمفكرين والنخب المثقفة في العالم الإسلامي. يجب أن تكون تلك الشرائح تحمل هم الأمة، وتدرك حجم المشكلة وأهمية الإصلاحات. بهذه الطريقة فقط يمكن إيجاد وسائل حقيقية للحل. تأثيرات السلطة السياسية في الإصلاحات إن التسييس يشكل العقبة الأكثر أهمية في هذه المسألة. من أهم المشاكل التي تعترض سبل الحل، هو تدخل السلطة السياسية وسعيها لعرقلة الإصلاحات أو توجيهها أو حتى إجهاضها بسبب مخاوف سياسية. ونظرًا لأن الأوساط السياسية في العالم الإسلامي من أكثر الأوساط التي تتأثر بالأزمة الموجودة في المنطقة، لذا يجب على تلك الأوساط دعم جهود الإصلاح سيما أن تلك الجهود هي السبيل الوحيد الذي يضمن استمراريتها وبقاءها على قيد الحياة. وعليه نستطيع القول إن الأفكار الصحيحة تلد مؤسسات سليمة، كما أن المؤسسات السليمة تلد دولًا قوية. إن الأسس الضعيفة لم تكن أهم الأخطاء المرتكبة من قبل بعض الدول القليلة في العالم الإسلامي، التي سعت نحو مبادرات إصلاحية وإعادة هيكلة، إنما البناء على أسس استندت إلى تصورات خاطئة سبب ترهلًا شاملًا في مؤسسات الدولة. إن ما سبق يؤكد أن المشكلة الأساسية تكمن في طريقة تفكيرنا التي تصيغ آراءنا وانطباعاتنا ومواقفنا وردود أفعالنا.