13 سبتمبر 2025

تسجيل

متى ستعرف أن الموج موطننا؟

07 سبتمبر 2015

* يا أيها البحر لا تبكِ وتبكينا وابلع دموعك إن الدمع يؤذينا متى ستعرف أن الموج موطننا فليس من بلد في البر يؤوينا يا أيها البحر لا تبكِ على شعب أبكى الصخورَ ولم يبكِ السلاطينا كل البلاد بوجه الضيف مغلقة إلا السماءَ أراها رحبت فينا هذه الأبيات المعجونة بالعذاب، والدموع، والعتب، والصدمة، واليأس، والغربة، نابت عن عجز قلبي في شرح حجم الألم، والاغتراب، والحزن.. لا أدري اسم كاتبها الذي عبر فيها عن زلزال الوجع، وشعور مُر اسمه "الخذلان" ذاقه من هربوا من الموت إلى الموت، أبكتني صورة الصغير وهو مستسلم لموته استسلام العاجز، مررّت صورته يومي، وأنا أتخيل لحظة مفارقة روحه لجسده، وقد انزلق من يد أبيه، ليصارع بعجزه وحشية أمواج تسحبه للقاع وقد انقلب مركبه!! هل تألم العالم؟ هل اهتزت مشاعره؟ هل توجع كثيراً وطويلاً؟ مناسبة أن أذكّر هذا العالم بأخ لـ"إيلان عبدالله" مات من قبل حرقاً! أحرقه المستوطنون اليهود! لو عانى العالم من الزهايمر ونسى، فإن الرضيع الميت حرقا اسمه (علي الدوابشة) والسؤال ماذا فعل العالم المتعاطف!! لأطفال العالم المحروقين، والراقدين تحت الردم والهدم، وكل الذين جادوا بأرواحهم بفعل صاروخ، أو برميل بارود، أو كيماوي، أو قنبلة، أو مطر من القصف؟ ماذا فعل العالم؟ لا شيء.. لا شيء.. لا شيء!!! إخفاق المجتمع الدولي فاضح، مع أكبر هروب دولي من جحيم الحرب! بوتين يقول: إن السوريين لا يهربون من بشار إنما من داعش!! ويتجاهل الدب الروسي أنهم يهربون من أسلحته الفتاكة التي يمد بها بشار ليقتلهم بها! هل سمع بوتين ومعه جمع من العرب الأشاوس رجلا قال: * شكراً لك أيها البحر الذي استقبلنا بدون فيزا، ولا جواز سفر، شكراً للأسماك التي ستتقاسم لحمي، ولن تسألني عن ديني ولا انتمائي!! هذا طبعاً مع تحية لمغلقي الحدود! وهل سمع العرب من قال عزفاً ونزفاً، وقد أغلقت الحدود العربية في وجه الفارين من الموت.. * بلاد الغرب أوطاني ... من النرويج لإسباني ومن مالطا إلى روما ... إلى برلين ألماني فلا وطن يجمّعنا ... ولا سلطان يقمعنا لسان الهجرة يجمعنا ... بماريو أو بجولياني لنا مدينة دهست ... وارزاق وقد سرقت ببحر مركب غرقت ... على حدود طلياني فهبوا يا بني الغرب ... إلى الإنقاذ والسحب وغنوا يا بني العرب ... بلاد الغرب أوطاني * * * * * أتأمل وجه الأب المكلوم، فيفرّخ وجهه وجوه آلاف آلاف الآباء الذين فقدوا فلذاتهم براً، وبحراً، غرقاً، وحرقاً، وتحضر بقوة غربة الموانئ الغاصة بالهاربين، وعيونٌ مخضلة بالدمع في صقيع الشتات، بعيداً، تحن إلى أربعة حوائط أو حتى خيمة آمنة على تراب غال اسمه الوطن!! أتأمل الأب المكلوم الذي رفض كل ما عُرض عليه من جنسيات تركية، وكندية وغيرها، وقال سأعود إلى بلدي لأقيم إلى جانب قبور أحبابي؛ زوجتي وولدي! قد لا يعرف (عبدالله) المذبوح - بفقد أسرته - ما الذي فعله بملايين توجعوا لمصابه، وأبكاهم حزنه، قد لا يعرف أن فقد أسرته بهذا الشكل المأساوي قد أيقظ أصل القضية في سؤال يقول للعالم كله: ابحث بشرف عن أسباب النزوح، وما المطلوب لإنهاء المآسي، هل الحل المصالحة مع الاستبداد، والظلم، والقهر، والرضوخ، والركوع، والسكوت؟ وإلى متى يتناسل الخراب في بلاد العُرب الجميلة، لتَخرج من دمار إلى دمار، ومن ضيعة إلى ضيعات، ومن نكبة إلى نكبات؟ وكم يكلف الشرق الأوسط الجديد من أرواح، وخراب، واستنزاف ثروات، ليتوقف الموت المجاني، لا تكفي الشفقة، ولا الدموع تعاطفاً، لا يكفي أن تحتل صور (عيلان) أغلفة الصحف، وتتصدر نشرات الأخبار، وتملأ شاشات التواصل، لن تغسل الدموعُ التي ذرفها أوباما موردُ الأسلحة (لطخةَ) الخزي التي لوثت ثوب الرحمة الأبيض، لن تكفي المؤتمرات، ولا الاستنكارات، ولا الشجب إياه!! العالمُ كله يتحمل مسؤولية كل روح تزهق، ومسؤوليةَ عودة اللاجئين السابقين واللاحقين إلى أوطان مطمئنة تسودها الكرامة، والعدل، والحرية.. المسؤولية أممية، كل الكبار يعرفون ذلك، وكل الصغار يعرفون أن الحاصل بعد حفلة الشجب والنُّواح الاصطناعي سيظل الأمر كما هو، البلاد تحرق، والفارون إلى الشتات في ازدياد، والمأساة تلد مآسيَ، والغارقون في قهرهم وغربتهم ووجعهم وصلوا إلى نهاية الجب المظلم، بينما العيون المعنية الزجاجية تذرف دمعها ثم تقوم لعشائها، والحلو آيس كريم فاخر يذوب في الفم، ومعه تذوب صورة البؤس برمتها!! ما أجمل بلاد العُرب أوطاني. * * * طبقات فوق الهمس * إيلان يا أيقونة اللجوء.. يا طفلاً أوجعني موته، فعلاً.. أجملُ ما في موتك يا صغيري أن حذاءك في وجوهنا، ووجوه العالم أجمع!! * اللهم إنا نشكو إليك ضعفنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس، أنت رب المستضعفين فارحمنا يا أرحم الراحمين.