15 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف نحمي مصر من الإرهاب ؟

07 سبتمبر 2013

لا يسع المرء إلا أن يقلق على مصر مما هو قادم بعد الانفجار الذي تعرض له وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ليس حباً بالرجل أو إعجابا بيديه الملطختين بدماء المصريين في رابعة والنهضة، وإنما خوف من سيناريو التفجير في بلد يمثل الرأس من جسد الأمة العربية. والعنف لم يكن يوماً حلاً، ولا يسلك العنف أو يؤمن به إلا رجل ضعيف الحجة، أيا كان نوع العنف، لفظيا كان أم جسديا. والمظلوم يفقد حقه حين يلجأ إلى العنف، وربما يتحول إلى ظالم يخسر معه أدنى تعاطف قد لمسه في الشارع. وبما أن الحديث عن التفجير الذي طال اللواء إبراهيم، فلا يجوز هنا تجاهل خلفيات حدوثه قبل التطرق لتداعياته الأمنية والسياسية والاقتصادية. فقد يكون التفجير برمته أمراً مدبراً ومفبركاً من قبل الأجهزة الأمنية المصرية تمهيدا لاتخاذ إجراءات أكثر تعسفية ضدّ المعارضة الموجودة في الشارع، والمغيبة نخبتها في السجون، مع تزايد الأعداد المنددة بالانقلاب وولادة ما بات يعرف بالتيار الثالث الرافض للانقلاب ولعودة الإخوان إلى المشهد السياسي من جديد. وقد يكون الهدف من التفجير، في حال كان من صنع الأجهزة الأمنية المصرية، التخلص من اللواء محمد إبراهيم ككبش فداء، بعد أن أصبح اسمه مرتبطا بالمجازر التي وقعت منذ الانقلاب تمهيدا لتغير في المشهد السياسي المأزوم. وهذا سيناريو أقل رجحانا من القول إن جهة إرهابية هي من تقف وراء التفجير متأثرة بما آلت إليه الأمور بعد الانقلاب. وهنا مكمن الخطورة لأننا سنكون حينها أمام مشهد شديد التعقيد على الساحة المصرية، ومعها نسأل هل بدأت تيارات إسلامية تلجأ إلى العنف المسلح في مواجهة الآلة الأمنية والإعلامية شديدة القسوة في تشويه وشيطنة كل ما هو إسلامي؟ وهل بالفعل فقدت قيادات الإخوان السيطرة على شبابها المنهمك في التظاهرات والاعتصامات اليومية في طول البلاد وعرضها؟ بكل الأحوال، الجهة الأساسية التي تتحمل المسؤولية عن تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد هي الحكومة الحالية بسبب السياسات التي انتهجتها في إقصاء وملاحقة التيار الإسلامي ثم الفض الدموي لاعتصامي رابعة والنهضة، ونخشى في حال لم تعدل الحكومة عن سياساتها أن تنزلق البلاد إلى حرب أهلية طاحنة. مصر تحتاج اليوم لمصالحة وطنية شاملة، وهذه المصالحة ليست حاجة ضرورية لإعادة دمج الإخوان والإسلاميين في الحياة السياسية وحسب وإنما حاجة مجتمعية لصيانة المجتمع المصري الذي يشهد حالات تشظي لم تكن معهودة من قبل، فالشعب المصري بطبيعته شعب وادع ومسامح وتغلب عليه الطيبة الشديدة، أما اليوم فالاحتقان والغضب والحقد بين المؤيدين للإسلاميين وبين المؤيدين للعسكر بلغت حداً تنذر بتفتت وتفكك المجتمع وربما تهيئته لحرب أهلية طاحنة، لا سمح الله، على غرار ما عاشه الشعب اللبناني سابقاً، وما يعيشه الشعب السوري حاليا. الخوف اليوم لم يعد على الديمقراطية في مصر، ولا على إعادة دمج الإخوان في المجتمع وإنما على مستقبل البلد والدولة فيه. جميع الأطراف في مصر بحاجة إلى التراجع خطورة إلى الوراء، بدءاً من الإخوان المصرين على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وصولاً إلى الجيش غير العابئ بكل الآلام التي تعرض لها الشعب منذ الانقلاب وحتى اليوم. الجيش فشل في حقن الدم المصري وفي منع الانقسام، كما فشل في حماية الأمن القومي المصري وهدد التحول الديمقراطي بسياساته الإقصائية والاستئصالية، وكشف عن مكنون ضخم من الحقد وعدم الاكتراث بدم أنصار التيار الإسلامي. الأمر يتطلب اليوم شجاعة من جميع الأطراف، لحماية الجيش المهدد بالصراع المفتوح مع شريحة مجتمعية كاملة لا تقل عن ثلاثة ملايين تتبع لجماعة الإخوان وتؤيدها، هذا إذا استثنيا بقية التيارات لاسيَّما التيارات السلفية الجهادية المعادية أصلا للدولة المصرية من جيش وشرطة وقضاء. والجيش مطالب بهذه الخطوة لحمايته من التفتت في وقت نرى الجيوش العربية تتفكك تباعاً بعد حلّ الجيش العراقي، وانشقاقات عمودية وأفقية طالت ومازالت الجيش السوري لأسباب قد نتفق على وجهاتها وقد نختلف، واليوم الدور على الجيش المصري. كما أن حماية اللحمة الوطنية تتطلب من الأحزاب والقوى المدنية المصرية الاعتراف بأنه لا يمكن عزل القوى الإسلامية وإقصائها عن المشهد السياسي وإلاّ يكون الجميع يدفع بمصر نحو الخراب.