20 سبتمبر 2025
تسجيلفي خطوة تمثل تصعيدا للضغوط والعقوبات التي تفرضها الدول الغربية على النظام السوري، قررت دول الاتحاد الأوربي حظر شراء النفط السوري، استنادا إلى شراء دول أوروبية أكثر من 90 % من صادرات النفط السوري. لتضييق الخناق على النظام الحاكم بتقليل موارده الخارجية، خاصة مع تضرر قطاع السياحة السوري وقطاع الاستثمارات الأجنبية بسبب أحداث الاحتجاجات التي دخلت شهرها السادس. من ناحية النفط السوري فإن سوريا دولة صغيرة الإنتاج، بلغ إنتاجها خلال العام الماضي 385 ألف برميل يوميا، تستهلك معظمها محليا لتتبقى كمية تتراوح ما بين 120 إلى 150 ألف برميل يومي تقوم بتصديرها. وعلى الجانب الآخر تقوم باستيراد كميات تصل حوالي 60 ألف برميل يوميا من المشتقات، خاصة المازوت لتشغيل محطات الكهرباء. ومن هنا فإن الإنتاج السوري يشكل حوالي نسبة نصف بالمائة من الإنتاج العالمي، كما تحتل سوريا بإنتاجها المركز الثاني والثلاثين بين الدول المنتجة. والمعروف أن الإنتاج السوري يأخذ اتجاها هبوطيا في كميات الإنتاج خلال السنوات الماضية، بعد أن كان قد بلغ 581 ألف برميل يومي عام 2001، كما أن احتياطياتها النفطية البالغة نحو 5ر2 مليار برميل، لا تشكل سوى نسبة 2ر0 % من الاحتياطي الدولي. وتتنوع جنسيات الشركات الأجنبية العاملة في مجال البترول السوري، ما بين شركة شل البريطانية الهولندية وشركة توتال الفرنسية، وشركات أخرى كندية وبريطانية وصينية وهندية وروسية وكرواتية. أما عن وضعية صادرات البترول السوري داخل مجمل الصادرات السورية، فقد بلغ نصيبها النسبي في العام الأسبق 26 % من إجمالي قيمة الصادرات، والتي تتنوع ما بين الخضر والفاكهة والحيوانات الحية والغزل والنسيج والفوسفات. وفيما يخص قرار دول الاتحاد الأوربي يحظر استيراد النفط السوري بداية من الثالث من سبتمبر الحالي. فقد طلبت إيطاليا التي تستقبل نسبة 31 % من صادرات البترول السوري، تأجيل شمول حظر الشراء بالنسبة للعقود الجديدة لاستيراد النفط السوري حتى منتصف نوفمبر القادم. مما يعني أن تطبيق الحظر لن يكون شاملا في الوقت الحالي. ومما يثير علامات الاستفهام أيضا هو توقيت صدور قرار دول الاتحاد الأوربي، والتي جاءت في اليوم التالي لانعقاد مؤتمر أصدقاء ليبيا في فرنسا، والذي أسفر عن الموافقة على الإفراج عن جانب من الأرصدة الليبية. واطمئنانهم لقرب عودة ضخ البترول الليبي، والذي كانت صادراته الإجمالية تصل إلى 3ر1 مليون برميل يومي. مع أخذ فسحة شهرين ونصف تكون صادرات البترول الليبي قد عادت خلالها جزئيا. أيضا تزامن قرار الاتحاد الأوربي مع ما أعلنته روسيا عن بلوغ إنتاجها البترولي في أغسطس الماضي رقما قياسيا بلغ 28ر10 مليون برميل يومي. حيث تعد روسيا من الموردين الرئيسيين للنفط إلى أوروبا. يضاف لذلك أن توقيت القرار الأوربي قد جاء في وقت تشهد فيه أسعار البترول الخام دوليا استقرارا مع الاتجاه الهبوطي لها. لكن الغريب هو استمرار عمل الشركات الغربية البترولية في سوريا، حيث أعلنت شركة توتال الفرنسية استمرار عملها في سوريا. كذلك استمرار تجارة دول الاتحاد الأوربي مع سوريا. اتساقا مع مصالحها أيضا حيث تعاني كثير من دول الاتحاد من عجز تجاري.وهو نفس السبب لاستمرار تجارة الولايات المتحدة الأمريكية مع سوريا باعتبارها صاحبة أكبر عجز تجاري بالعالم. ـ وهكذا فإنه إذا كانت إيطاليا قد طلبت مهلة شهرين ونصف حتى ترتب أوضاعها الاستيرادية سواء من خلال ليبيا أو روسيا أو غيرها. فإن تلك المدة مفيدة أيضا للجانب السوري كي يعيد توجيه بتروله إلى أسواق أخرى، أبرزها الصين والهند التي تستورد كميات ضخمة منه. خاصة مع وجود شركات تابعة لهما تعمل في مجال النفط السوري. ويمكن أن تلجأ سوريا في الأجل القصير لمقايضة صادرات البترول بما تستورده من سلع. ويمكن أن تستفيد من واردات النفط التركية في هذا الصدد. كما أنها يمكن أن تلجأ لإعطاء خصومات على سعر التصدير. يساعدها في ذلك أن متوسط أسعار خام برنت رغم انخفاضه مازال يدور حول سعر 110 دولارت للبرميل. وهكذا فإن خطوة الاتحاد الأوربي رغم أهميتها تحتاج إلى خطوات إضافية، أبرزها وقف استثمارات الشركات الغربية في مجال النفط السوري، إلى جانب الضغوط من خلال التجارة الخارجية. وإن كنا نشك أنها يمكن أن تلجأ لذلك، لتعارض ذلك مع مصالح شركاتها سواء البترولية أو التجارية في الوقت الحالي.