19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تخيّل معي أنك وأنت تقرأ هذه الكلمات وصلتك رسالة "واتس أب" جديدة على هاتفك. من المنطقي –والمؤسف - أنك ستترك متابعة قراءة كلماتي لتعرف المرسل ومضمون الرسالة، فقرأت التالي: "خبر عاجل، الجيش التركي ينفذ انقلابًا ومصير الرئيس رجب طيب أردوغان مجهول".. خبر بهذه الأهمية سيعني لك الكثير لأنك تدرك تبعاته على تركيا وما حولها، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. لم تضيّع وقتًا وحرصًا على الفوز بالسبق قمت بتحويل الرسالة إلى المجموعات التي تشترك فيها، مع إضافة كلمة واحدة يتيمة على الخبر وهي "جديدًا". فصار الخبر كالتالي: "خبر عاجل، الجيش التركي ينفذ انقلابًا جديدًا ومصير الرئيس رجب طيب أردوغان مجهول". دقائق قليلة كافية لانتشار الخبر على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، واللافت أن آخرين أضافوا للخبر تفاصيل جديدة وأرفقوه بصور الله أعلم بمصدرها، ليتبين بعد حين أن الأمر لم يكن صحيحًا. بدأتُ كلامي بكلمة "تخيّل" لكن ذلك يحصل أمر مشابه له مع كثيرين منّا كل يوم. فكم من أخبار تعجّ بها وسائل التواصل الاجتماعي يتبيّن أنها مجرد اختلاق لا أصل لها، أو أن تاريخها يعود لزمن بعيد ففقدت معناها، أو أن الشرح المرفق للصورة أو المقطع المصور مخالف للحقيقة ويعطي انطباعًا مختلفًا عن مضمون الصورة أو مقطع الفيديو، رغم ذلك، ينتشر الخبر في مختلف الوسائط الإعلامية، ونقع جميعًا في فخ المعلومة الكاذبة، وإذا ما تجرّأت وسألت ناقل الخبر عن صحته يجيب "شو عم كذّب عليك؟!". منذ سنوات أضافت المراكز الإعلامية المتخصصة بتدريب الكوادر الإعلامية والصحفيين عنوانًا جديدًا لدوراتها هو "التحقق من المعلومة والتثبّت من الأخبار"، وسبب ذلك يعود إلى وقوع الكثير من الوسائل الإعلامية في فخ نشر المعلومة الكاذبة، وإلى خلط صحفيين بارزين بين الرأي والمعلومة، فغرق المشاهد والقارئ والمستمع في محيط هائل من الأكاذيب والأخبار الملفقة والمبالغات التي لا تمت للواقع بصلة. والذي تبيّن أن كثيرا منّا يكتب تمنياته وأحلام يقظته بصيغة أخبار ومعلومات موثّقة، ويرسل للآخرين، الذين بدورهم يرسلونها لمن يعرفون.. فنصدق الكذبة التي أطلقناها. هل تعلم ياسيدي أنه بعد وقت قصير من شيوع نبأ حصول انقلاب في تركيا، وفي الوقت الذي كانت فيه طائرة الرئيس التركي تحلّق في أجواء إسطنبول تنتظر توفير مدرج آمن تهبط عليه، في هذا الوقت وصلتني رسالة مضمونها "الله أكبر، زهق الباطل وانتصر أردوغان على فلول الإنقلابيين بفضل ثبات الشعب التركي". هل تعلم أن المؤيدين لثورة الشعب السوري روّجوا منذ أيام خبرًا يفيد بأن قوى المعارضة باتت قاب قوسين أو أدنى من تحرير كامل حلب وأنها تستعد للتوجه إلى دمشق؟ اللافت والمؤسف والمعيب أن بعض الذين يرسلون الأخبار الكاذبة والمبالغ بها يعلمون عدم صحة أو على الأقل عدم دقة الأخبار التي يتناقلونها، لكنهم رغم ذلك لا يشعرون بأي تأنيب ضمير، ولا إحساس بذنب أنهم ارتكبوا كبيرة "الكذب" التي تعد كالزنا والربا وشرب الخمر. المعيب أكثر، أن من يرسلون أخبارًا ويتبين كذبها لاحقًا لا يجدون أنفسهم معنيين بالتصحيح أو الاعتذار أو بذل جهد في المرات القادمة للحفاظ على صدقية أخبارهم، كما لا يشعرون بأي اهتزاز لمصداقيتهم أمام الآخرين. أما الطامة الكبرى، فهي حين يروّج البعض أخبارًا لا أساس لها من الصحة، لكن مشيئة الله تقدّر أن تحصل بعد حين، فيخرج عليك صاحب الخبر المُختلق ويقول لك "ألم أقل لك إن كذا وكذا سيحصل؟" وحين تسأله وكيف عرفت بالخبر قبل حصوله، يبتسم ابتسامة صفراء ويقول "مصادر خاصة".. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا يا رب العالمين.