15 سبتمبر 2025

تسجيل

"عزيزتي أحلام"

07 أغسطس 2012

لا أُشاهد البرامجَ التلفازية البتة، والجميعُ يَعجبُ من ذلك، لكني لا أُحبُ التلفاز، أبداً أبداً، فالتلفاز في المنزلِ بالنسبةِ لي قطعةٌ زائدة، رغم المفيد من البرامج ولكنني يا "جماعة الخير" ما إن أجلس أمامَ هذه الشاشة إلا وشعرتُ بالنعاس وإن كنتُ قد أخذتُ قسطاً كبيراً من الراحة. هكذا أنا منذ سنوات طويلة فقصةُ العداء الخفي بيني وبين التلفاز مُعلنة دونَ أسبابٍ ودوافع. أما تَأتيكَ حالاتُ العداء هذه أحيانا دونَ أسباب؟! في الفترة الأخيرة ذاعَ صيت برنامج لهُ علاقة بالغناء والفن والطرب "أرب أيدل"، وكما فهمت من المحيطين أن في هذا البرنامج لجنة تحكيم مكونة من ثلاثة أشخاص: "راغب علامة، وأحلام وأحدهم". يتم اختيار أفضل المشتركين من خلال اللجنة ومن خلال أصوات الجمهور، ويكون البقاء للأفضل. لا تغريني هذه البرامج أبداً ولا أحبها بغض الطرف عن شرعية الأمور فيها، فأنا لا أحبها والسلام. هي الناس كذلك رغباتٌ وميول فمنا من يميل للورد ومنا من يميل للياسمين ولكل ذوق يفضلهُ وطعم يُؤثره على غيره. وأنا على عموم الرأي أحترمُ الأذواقَ أجمع وإن لم تَرُقْ لي أو لم توافق مبدأً معيناً في أعماقي، فكلٌ منا ينام "على الجنب اللي يِرَيَحُه". لكنهُ مع أصداء البرنامج المدوية، انتشرت انتشار الطاعون في زمانه عبارات منحطة عن أحلام، عن لبسها، عن شكلها، ملامحها، كلماتها، بكائها وضحكاتها. وانتشرت مع تلك العبارات فكاهات عجبتُ لها العجب كله. حتى باتت أحلام محور حديث كل مجلس، في العمل وفي التجمعات وفي المجالس وفي "البلاك بيري مسنجر" ووو.. فكل يوم أتلقى صورا وفكاهات وعبارات، أحياناً مضحكة وأحياناً مقززة من العداء والتهجم. ولا أدري ما يدريهِ هؤلاء. فعزمت يوما ان أشاهد جزءاً من هذا البرنامج لأشاهد فقط أحلام محاولةً لفهم ما يجري. وعندما فعلت، وبالتجاهل إن كانت تستحق — كما يبررُ البعض — ما يقولونهُ فيها أم لا، إلا انني أعلم يقيناً أن كل ما يقولونه لا أخلاقي، لن أقرب العدسة الشرعية لما يفعلون، ولكنني أعجب من قلوبٍ رانَ عليها صدأ السخرية، بحجة "تستاهل" أو "والله اهيه اللي جابته لنفسها"، دون أن يدركوا إن كان ذلك رقيا أم انحطاطا. لا أعرف أحلام شخصياً ولا أحب الغناء لأُدافع بقلمي وأبجديتي، ولكن الجهل بَلغَ مَبلغه، والميكافيلية سادت وعظمت، ففي سبيل أن يَضحكوا أو يُضحكوا لا يَهُم أيةَ وسيلة يتخذون. عزيزتي أحلام، لقد قرأت صدفة في حسابك بتويتر منذ فترة الراقي من الكلمات والجميل من الدعاء والتصدق بالعرض، ورأيتُ العفو كله، لكلِ من أساءَ لكِ، فابتسمت وعجبتُ العجب كُله، ولكن العجب لم يطل لأنه ليس فينا من يدري، من أقربنا إلى الله أنتَ أم أنا أم أحلام، فلا تبطش كثيرا.. قبلَ أيام دُعيتُ لإلقاء ندوة في بيت احدى الأخوات، ترددتُ كثيراً ولكني عزمت على الذهاب في آخر الأمر، وكان الموضوع تحت عنوان: "التسامح: الفريضة الغائبة" وقبل أن أبدأ كانت مقدمتي "لستُ أكبركم ولستُ أعزكم ولست أتقاكم، وقد تكون أقلنا كلاماً في هذه القاعة أتقانا، وقد لا تكون. فالتقوى والأفضلية أمورٌ عند الرحمن، ليست عندي وعندك، وأنا هنا أذكر نفسي وإياكم، فإن الذكرى تنفع المؤمنين".