17 سبتمبر 2025

تسجيل

د. محيي الدين تيتاوي

07 يوليو 2013

كنت شاهد عيان لما جرى في مصر خلال الأسبوع الماضي.. حيث شهدت ما يسمى بحركة(تمرد) التي دعت الشعب إلى التمرد على السلطة.. وشهدت رموز التحالف وشهدت التجمعات في الميادين ولاحظت كمية الأموال التي صرفت لدعوة المواطنين المصريين للتوجه نحو الميادين وشهدت صفوف السيارات أمام طلمبات البترول وشهدت الأزمة المفتعلة للخبز والغاز وسمعت ضربات بائعي الغاز وطرقاتهم على الأنابيب دلالة على أن الغاز متوفر.. وشهدت طاولات الرغيف محمولة على الرؤوس دلالة على الوفرة.. المطاعم تعمل دون توقف لأربع وعشرين ساعة والمقاهي تعمل وفي ذات الوقت عشرات القنوات الفضائية تتحدث عن الأزمة الاقتصادية ويتحدث(الخبراء والإستراتيجيون) عن البورصة وخسائرها. حكومة قنديل والرئيس مرسي يتحدث ولا أحد يركز معها حول طبيعة الأزمة والحلول التي قدمت وتقدم.. واللصوص الذين يخربون ويضربون مصالح الشعب يختبئون وراء الأزمات المختلفة.. والإعلام غير عادل وغير متوازن وغير دقيق ومنحاز.. حتى في التغطية الميدانية كان التركيز على تجمعات المعارضة بميدان التحرير وأقاليم مصر المختلفة دون عرض ما يدور في رابعة العدوية وجامعة القاهرة والنهضة.. وهناك مطبوعات ومكبرات صوت وإذاعات تدعو الناس لميدان التحرير والتجمع ضد(مرسي وحكم المرشد) وحكم المرشد شعار رمزي استخدم منذ الأسبوع الأول لاستلام الدكتور مرسي للسلطة فالرجل لم يمهل ولا لأسبوع واحد لكي يرتب أوراقه ويعين وزارة ويبدأ في معالجة أزمات متراكمة لما يزيد على ستين عاما بما في ذلك الصورة الذهنية التي رسمت للإخوان المسلمين عبر الآلة الإعلامية التي ظلت طيلة ستين سنه منذ استشهاد حسن البنا ومحمد قطب والهضيبي وسيد قطب وغيرهم من قادة الإخوان المسلمين الذين ظلوا يقدمون التضحيات والشهداء ويكبلون بالقيود ويقبعون خلف القضبان لأسباب مقاومتهم لحكم الفرد والدكتاتورية. الدكتور محمد مرسي قدم إلى الحكم من السجن مباشرة ولم يكن هو المرشح الأول للإخوان للرئاسة.. ولكن الأقدار وضعته أمام الأمر الواقع.. وهو لعلمه وثقافته الإسلامية كان متسامحاً مع أعدائه ولم يفرض قيوداً على الإعلام حتى آخر خطاب ألقاه.. بينما جاء الآخرون من أعماق الفلول والأنظمة الدكتاتورية التي جثمت على صدر شعب مصر.. والإعلام العلماني والصليبي لعب الدور الأكبر في تشويهه صورة الرئيس مرسي ودفع الصامتين للمشاركة في تجمعات ميدان التحرير والميادين الأخرى.. وكما قال بيان الحكومة السودانية فإن ما جرى هو شأن مصري داخلي وكيفما كان فإن علائق السودان شعباً ومصائره تظل كما كانت ما لم يحدث من الجانب الآخر ما يعكر صفوها.. ولكن يظل التدخل الذي حدث بإلغاء الدستور وعزل الرئيس الشرعي محمد مرسي وتعيين قاضي وتمليك الحق للفريق المناوئ الذي لم ينتخبه الشعب نقطة وعلامة فارقة يقف عندها التاريخ.. وسنة سيئة تفتح الأبواب واسعة أمام أي قوى أخرى في انتهاج كل ما من شأنه أن يوصلها إلى كرسي الرئاسة وبشتى الوسائل. الملاحظة الأساسية التي لمستها أن هناك أغلبية كانت صامتة ملتزمة بيوتها وهناك من خرج لأجل الخروج ونتيجة الحملة الإعلامية المكثفة والمطبوعات والإعلام.. أزمة البنزين زاحت معالمها بمجرد إلقاء السيسي لبيانه التهديدي الذي أكد فيه نأي القوات المسلحة عن السياسة وعدم الانحياز لأي جهة من الفرقاء.. ولكن بعد انقضاء مهلة الثماني وأربعين ساعة تم إلغاء الدستور.. وإقصاء رئيس الجمهورية وتسليم السلطة للجهة المناوئة وإلغاء القنوات الفضائية التابعة للإخوان وإلقاء القبض على قياداتهم.. إذن كيف يكون الانحياز.. وكيف يكون الخوض في السياسة وفي النهاية هم أحرار فيما يفعلون!؟