14 سبتمبر 2025

تسجيل

الثقافة.. على الطراز الألماني!

07 يونيو 2022

اكتشفت مؤخراً أن هناك كلمة ألمانية دالة على الفن الجديد وتعني طراز الشباب. وهذه الدلالة أجدها محفزة وصريحة، حيث تعترف بارتباط الأسلوب الحديث بقدرات الشباب. وهذا دليل على ان حركة الشباب في المجال الفني والثقافي تعني الإضافات المتجددة من حيث الذوق، الرؤية، الطراز وحتى الحضور. ولا يجب علي في هذا الحال التعميم على ذوق الشباب وتوجهاته الفنية، ولكن أظل أتمسك في الشباب وقدرته على مواكبة التحولات وفقاً للحياة الحديثة. فما يعتبر فناً وثقافة، فهو بالتأكيد أسلوب حياة، وما سيصبح أسلوب حياة، فهو بالتأكيد انعكاسات على المشهد الراهن وطرق وصفه بعدة أساليب حديثة. ضعها قاعدة إلى أن تنتهي من قراءة المقال!. لن نقوم بعمل المقارنات بين التصنيفات الثقافية والفنية المتعددة، ولكن يجب أن نرى فاعلية أبرز التصنيفات الثقافية والفنون وأكثرها مواكبة للمدينة الحديثة مقارنة بالفنون التي ظلت في زمانها البعيد ظنا بأنها تواكب حداثة اليوم. وعلى الرغم من رأي العلماء والفلاسفة في معنى الثقافة وتعميم أغلب المفاهيم التي تتفق على توجيه الرأي العام، إلا أنه لا تزال هناك من القدرات البشرية التي تستمر في نفس الهدف ولكن من دون وجود فاعلية للرأي العام، وقد ينظر لهم كعموم قابل للانكماش وبشكل سريع. وأتعجب من هذه الفئة التي تتمسك بالأسلوب نفسه من دون مواكبة حداثة الوعي الاجتماعي والأساليب التي أصبحت ملمة للعموم. ولا أنتقص هنا من القدرات في التأثير، ولكن يظل التفاوت واضحاً بين ما يصل اليوم لشريحة أكبر، وبين ما ظل على هو عليه يقاوم ويواصل مسيرته من دون التأثير المرجو. ويبدو أن مسألة الدلالة الشبابية لواقع الفن وحتى الثقافة المتجددة هي الهزة التي قد تثير الوسط الفضي وتقاوم تقدمه. ولا عجب أن يكون الشباب المحرك الذي يجب أن يسلط الضوء عليه بشكل أكبر لتلك المجالات التي ظلت حبيسة زمانها من دون تقدم. فثبتت إمكانيات الشباب في التعبير العميق، ونحن لا نخصص الحديث هنا عن الجماليات، إنما أيضاً العمومية في التأثير من خلال القدرة على تفويض الفن لرسالة غير ناطقة، بدلالات حسية معبرة. فالفن التشكيلي في قطر على سبيل المثال يعتبر في فترة الصمود قفزة بوعي اجتماعي حول أهمية التلاحم وتأكيد الولاء. فالحاجة في هذه الحال لمستويات عميقة من التأثير هو القدرة على التقدم في الأسلوب الثقافي والفني المواكب، وعدم المحاولة في استرجاع الطراز القديم على انه متقدم. خاصة ونحن نلاحظ أن الطراز القديم يعود لنا أحياناً بشكل سريع من دون أن يكون كملحمة تجسد ما بين واقع اليوم والأمس. إذ إن السرعة في استحضار الأساليب القديمة يعني ضعف الإخراج، انكماش الحضور، وسطحية المحتوى. خلاصة القول، ان الظروف الراهنة تحكم أبعاد تشكيل المشهد والتعبير عنه بحسب معطياته الحديثة، وهذه خاصية تتطلب الاستيقاظ والوعي بالمعطيات الصغيرة والتحولات الكبيرة حولنا. الساحة الثقافية تظل في حاجة للشباب للتقدم في الفن والتنفيس ثقافياً، لأن مشهد اليوم يصفه الشباب بناء على التحولات الحديثة التي طرأت عليه وقدرته على التأقلم فيها، عكس من يقاوم الحداثة بمزيد من محاولات العودة للوراء بشكله الكلاسيكي المعتاد. فما هو أسلوب حياة اليوم يعكس فنا معاصرا لمدينة حديثة، وما يعكس الفن المعاصر فهو تجسيد لأسلوب حياة لليوم. وهذه القاعدة لا بد أن يكون لها منفذ يعي التفاصيل وله إسهاماته الخاصة في مستويات التأثير!.