12 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا فشلت الحرب الاقتصادية على قطر (2-3)

07 يونيو 2018

هدف الحصار الضغط على قطر للتخلي عن سيادتها واستقلالية قرارها السياسي دول الحصار شنت حربا اقتصادية تستهدف زعزعة استقرار الريال أبو ظبي وراء الحرب المالية ومحاولة التلاعب بالسندات السيادية القطرية نتناول في الجزء  الثاني  من مقال لماذا فشل حصار قطر؟ .. أسباب فشل الحصار  في تحقيق أهدافه من خلال قنوات تأثيره الثلاث وهي القطاعان الحقيقي والمالي وعامل الثقة مع إيضاح مصادر القوة والانكشاف والسياسات المضادة للحصار التي اتبعتها قطر في الأجل القصير في تناول في هذا الجزء القطاع المالي و الحرب الاقتصادية على قطر. القطاع المالي •    مصادر القوة: أ‌.    أسس الاقتصاد القوية والنمو الاقتصادي القوي خلال الفترات الماضية. ب‌.    الاحتياطات الأجنبية الضخمة لدى المصرف المركزي والحكومة وصندوقها السيادي. ت‌.    الجهاز المصرفي: محصن وقوي بفضل السياسات الائتمانية والاحترازية المعاكسة للدورة المالية التي اتبعها المصرف المركزي مع بداية الدورة النفطية في عام 2003، للحد من التوسع المفرط في الاقتراض داخلياً وخارجياً،مع التوسع الاقتصادي وارتفاع الفوائض، والتي حدت من انكشافه وتراكم الاختلالات والهشاشة المالية في القطاع المالي (بشهادة صندوق النقد الدولي IMF, 2014)، حيث كان الجهاز المصرفي القطري الأقل انكشافاً وتأثراً بالأزمات التي ضربت المنطقة خلال العقد والنصف الماضيين (فقاعة أسواق الأسهم في عام 2006، والأزمة المالية العالمية في عام 2008). ث‌.    مؤشرات القطاع المصرفي لسبتمبر 2017: نسب الربحية عالية (العائد  الى الأصول 1.6%) والسيولة مريحة (الموجودات السائلة إلى إجمالي الموجودات 27.30%)، وكفاية رأس المال مرتفعة (15.4%)، والديون المتعثرة منخفضة (1.5%)، المصدر مشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي 2018. ج‌.    العملة: تدعمها أسس الاقتصاد القطري القوية والاحتياطات الكبيرة النقدية والسيادية لدى المصرف المركزي والحكومة وصندوقها السيادي، ولا يوجد مجال للمضاربة عليها خارجياً لمحدودية العرض.وتاريخياً أثبت نظام سعر صرف الريال القطري أنه الأكثر استقراراً ومصداقيتاً خلال العقود الماضية وعبر الأزمات الاقتصادية والحروب التي شهدتها المنطقة حتى هذه الأزمة. •    مصادر الانكشاف: أ‌.    الانكشاف محدود؛ في حدود 15-20ملياردولار ودائع لدول الحصار من مجموع 52$ مليار ودائع غير المقيمين وبنسبة 25% من إجمالي ودائع القطاع المصرفي مع بداية الحصار. وتقدر وكالة ستاندرد اند بورز خروج رؤوس الأموال ب 8$ مليار و15$ مليار في شهري يونيو ويوليو 2017 معظمها ودائع لدول الحصار. في حين تقدر أصول القطاع المصرفي القطري في دول مجلس التعاون ب 27% من مجموع أصوله. ب‌.    الحرب الاقتصادية على قطر: أهدافها، مراحلها، وأدواتها لقد كان واضحاً للمراقب مع حملة التحريض والكراهية التي تقودها دول الحصار ضد قطر وتكشف حجم المؤامرات التي تنسجها ضد قطر يوماً بعد يوم أن تكون الجبهة الاقتصادية هدفاً في هذا الصراع وأن تكون العملة الوطنية في قلب الاستهداف، فهي الخاصرة اللينة الممكن من خلالها، ولو نظرياً، إلحاق أكبر ضرر ممكن بقطر وتدمير لاقتصادها وعن بعد وبأقل تكلفة ممكنة على الطرف الأخر، والهدف النهائي المرجو من ذلك هو زعزعة استقرار النظام في قطر وإسقاطه. فهدف الحصار هو الضغط على قطر للتخلي عن السيادية والاستقلالية في قرارها السياسي والخضوع للهيمنة السعودية والإماراتية، والضغط على قطر بكل الطرق والوسائل في سبيل تحقيق ذلك، من حصار اقتصادي إلى حرب دبلوماسية وإعلامية،و حرب اقتصادية  تستهدف زعزعة استقرار العملة وتهجير رؤوس الأموال وتبعات ذلك المحتملة من ارتفاع حاد في معدلات التضخم وتبخر مدخرات الأفراد واستنزاف الاحتياطيات السيادية و تدمير الاقتصاد دفعا نحو زعزعة استقرار النظام في قطر و إسقاطه. إن التخطيط والتآمر لزعزعة استقرار عملة واقتصاد دولة ذات سيادة بواسطة دولة سيادية يعد من أعمال الحرب الاقتصادية.واستهداف الجبهة الاقتصادية لم يكن لانكشاف أو ضعف أو قصور في الحماية، ولكن نظراً لطبيعة الأسواق وحساسيتها، خصوصها أسواق المال والصرف الأجنبي في ظل أنظمة أسعار الصرف الثابتة التي عادة ما تكون أكثر عرضة للضغوطات والمضاربات في حالات الأزمات الاقتصادية والسياسية الحادة.  •    مراحل وأدوات وأهداف الحرب الاقتصادية على قطر لقد بدأ استهداف الريال القطري مبكراً مع بداية هذه الأزمة واشتد ذلك خلال أسبوعيها الأول والثاني في سوق الصرف  المحلية قبل أن يتحول إلى الأسواق الخارجية في أواخر شهر يونيه. فبداية كان هناك تأثير الصدمة وعامل التوتر السياسي مع بداية الأزمة، رافقه قطع مفاجئ في الإمداد بالدولار الأمريكي من دبي (عن كثير من شركات الصرافة في قطر التي تستورده من دبي) في فترة ذروة الطلب السنوي على الدولار مع بداية إجازة نهاية العام وفترة الأعياد (ويبدو أن هذا التوقيت قد اختير بعناية لإحداث أكبر أثر سلبي ممكن) وقد رافق ذلك حملة إعلامية مسعورة من دول الحصار لإثارة التشكك في قيمة ومصداقية العملة وإثارة الهلع والارتباك والدفع نحو التخلص من الريال القطري وهروب رؤوس الأموال وتبعات ذلك المحتملة من كسر لنظام سعر الصرف في قطر والدفع نحو انهياره أو إضعاف قيمة العملة (وما لذلك من آثار كارثية ممكنة على الاقتصاد  الوطني) وزعزعة استقرار النظام المالي والاقتصادي، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث وفشل إعلام الحصار في إقناع الداخل القطري بالتخلص من الريال القطري لصالح العملات الأخرى وذلك نظراً لانعدام المصداقية فيه، نظراً لأسلوبه الفج والاستخفاف بالعقول منذ اندلاع هذه الأزمة التي انطلقت شرارتها من اختراق لوكالة الأنباء القطرية ودس تصريحات تقولاً وكذباً على رأس الدولة أمير قطر. وكانت هذه مرحلة وجيزة ولكنها أخطر مراحل الحرب الاقتصادية على قطر التي تم تخطيها بنجاح. ثم بعد ذلك انتقلت الحملات على الريال القطري إلى خارج قطر، وقد كان ذلك إيذانا بفشلها، لأن حملة الريال القطري داخل قطر وليس خارجها.  فقد كانت هناك محاولات في أواخر شهر يونيه 2017 لمنع تداول الريال القطري في بعض الأسواق الخارجية، بريطانيا على وجه الخصوص، يقودها الملياردير الهندي BavaguthuShetty المرتبط بعلاقات وثيقة بحكومة أبو ظبي ويمتلك جزئياً شركة صرافة الإمارات بالإضافة إلى شركة صرافة Travelexالتي تقدم خدمات صيرفة (بيع وشراء للعملات الأجنبية) في بريطانيا وغيرها من الدول، وقد صاحب ذلك حملة إعلامية مسعورة من دول الحصار للتشكيك في قيمة العملة ومصداقية نظام سعر الصرف القطري، ولكنها باءت بالفشل نظراً لمحدودية عرض الريال القطري في الأسواق الخارجية . ثم بعد ذلك تعرض الريال للتلاعب في الأسواق الخارجية في بعض دول الحصار (في الإمارات على وجه الخصوص) بالإضافة إلى محاولات للتلاعب بالسندات السيادية لدولة قطر لإظهار بأنه يتم تداولهما بأسعار منخفضة بشكل مصطنع للإيحاء بأن الاقتصاد في أزمة أو أن قطر تتعرض لأزمة سياسية حادة، وبالتالي إثارة الهلع والتوتر والتشكك في مصداقية نظام سعر صرف العملة والدفع نحو تخلص الجمهور من الريال القطري والمستثمرين من السندات السيادية والأصول القطرية، وبالتالي الدفع نحو خروج رؤوس الأموال وتبعات ذلك المحتملة من ضغط على قيمة العملة وارتفاع في معدلات التضخم  وتبخر مدخرات الأفراد واستنزاف الاحتياطات السيادية. والتآمر للتلاعب بالسندات السيادية القطرية مخطط قاده الملياردير البريطاني David Rowland مالك بنك Havilland في لكسمبورغ لصالح حكومة أبو ظبي.و بحسب ما تسرب من بريد يوسف العتيبة سفير الإمارات في واشنطن بواسطة موقع The Intercept الإلكتروني، فإن حكومة أبو ظبي جندت David Rowland لشن حرب مالية على قطر، وذلك من خلال التلاعب بالسندات السيادية القطرية لإظهار بأنه يتم تداولها بسرعات عالية وأسعار منخفضة بشكل مصطنع للإيحاء بأن الاقتصاد في أزمة والدفع نحو تخلص المستثمرين من السندات السيادية وهروب رؤوس الأموال واستنزاف الاحتياطيات السيادية لقطر وإنهاك قدرتها المالية والإخلال بالتزاماتها بتنظيم بطولة كأس العالم، ومن ثم سرقتها منها أو تقاسم تنظيمها معها، ويرافق ذلك حملة علاقات عامة موازية لترويج وتعزيز تصورات سلبية عن الاقتصاد القطري لدى المستثمرين والجمهور. متخصص في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي  عضو زمالة الباحثين بمركز الاقتصاد الكلي ومعهد الفكر الاقتصادي المستجد جامعة كمبردج البريطانية