18 سبتمبر 2025
تسجيلبدأ الله عز وجل آيات الصيام بمخاطبة المؤمنين وعاد ليطالبهم بـ "وَلْيُؤْمِنُوا بِي" وإن كان الطلب داخلاً في عموم الأمر بالاستجابة لله عزَّ وجل والغرض من الأمر بالإيمان: الحث والتحريض، وأمرهم بالثبات على ما هم عليه، والاستمساك به، ونظير ذلك قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا". ونستحضر في نفس المقام أحاديث: من صام رمضا ايمانا..، من قام رمضان إيمانا...، من قام ليلة القدر إيمانا... ليتجلى لنا أهمية الإيمان. وقد عرف العلماء الإيمان بأنه: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، ويزيد بالطاعة وينقص بالعصيان. ويعنون بقول اللسان: النطق بالشهادتين والإقرار بلوازمهما. أما اعتقاد القلب فهو: النية والإخلاص والمحبة والانقياد والاقبال على الله والتوكل عليه ولزام ذلك وتوابعه. أما عمل بالجوارح فهو: عمل الصالحات القولية والفعلية والواجبة والمسنونة مما يندرج تحت شعب الإيمان كما في حديث (الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق). إن نعمةَ الإيمان أعظمُ نعمةٍ على العبدِ، لا تُدانِيها نعمة، ولا تُوازِيها منَّة. بها تتحقَّقُ سعادةُ الدنيا والآخرة. وتأمَّل قولَ الحق سبحانه:(بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ). فالإيمانُ أكبرُ من منحة الوجود وما يتعلَّقُ به، من الرِّزقِ، والصحَّة، والحياةِ، والمتاعِ. إنها المنَّةُ التي تجعلُ للوجودِ الإنسانيِّ حقيقةً مُميَّزة، وتجعلُ له في الحياةِ أثرًا فاعِلاً. وحتى نُدرِكَ قيمةَ هذه النعمة، فلنتدبَّر (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). إن الإيمانَ له آثارٌ مُشرِقة، ونتائِج حميدَة تنعكِسُ على تصوُّرات الأفراد وسُلوكِهم في الحياة، لذا كان تجديده مطلبا نبويا «إن الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوفِ أحدِكم ما يَخْلَقُ الثَّوبُ، فاسأَلُوا اللهَ أن يُجدِّدَ الإيمانَ في قلوبِكم». فهل إذا ذكر الله وجلت قلوبنا خوفاً وتعظيماً لربنا؟! وهل إذا تليت آياته علينا، زادتنا إيماناً واستبشرنا بها؟! نسأل الله ذلك.