18 سبتمبر 2025

تسجيل

"الأهالي" ودورهم في أجندة حزب الله

07 يونيو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مرحلة جديدة من تفكك الدولة وانهيار النسيج الاجتماعي بين اللبنانيين أعلن عنها السيد حسن نصرالله حين أعطى الضوء الأخضر لمن يُطلق عليهم وصف "الأهالي" لإنشاء تشكيلات مسلحة لمواجهة ما يعتبره الخطر التكفيري. الحاضنة الشعبية المحيطة بحزب الله لم تتأخر في تلبية نداء سيدها، لاسيما أن المئات من أفرادها مطلوبون للقضاء اللبناني لارتكابهم جرائم قتل وسرقة وسلب وتجارة مخدرات، وهم طالما انتظروا وسيلة تمكنهم من التحرك أمام أعين الأجهزة الأمنية دون الخوف من الملاحقة.أمين عام حزب الله في إطلالته الإعلامية قبل يومين، حاول تلطيف الموقف بطريقة غير مباشرة، وخفّف من وطأة ما سبق أن ألمح إليه بإعلان التعبئة العامة، فتراجع خطوة إلى الوراء وقال إن المواجهة العسكرية التي يخوضها حزبه من المسلحين لاتستدعي "حتى الآن" إعلان حشد شعبي ولا تحتاج إلى استنفار شعبي ولا إلى تعبئة شعبية عامة. ضعوا خطاً أحمر تحت كلمة "حتى الآن"، لأن هذا يعني أنه ربما يخرج علينا نصرالله بعد أسبوع أو أسبوعين أو شهر ليقول أن المواجهة باتت تستلزم إعلان تعبئة عامة، وأن الوضع يستلزم تشكيل حشد شعبي شبيه بالحشد الشعبي العراقي الذي تتناقل وسائل الإعلام كل يوم جرائمه، والتي لاتقل دموية وإجراماً عما يرتكبه تنظيم الدولة الإسلامية. مرة جديدة يفرض نصرالله على اللبنانيين معادلاته الخاصة دون استئذان. فبعدما سبق أن فرض على الحكومة الإقرار بثلاثية: الشعب والجيش والمقاومة، يمهد اليوم لمعادلة رباعية جديدة هي: الجيش والشعب والمقاومة والحشد الشعبي.مخطئ من يظن أن الحاضنة الشعبية التي تحيط بحزب الله مستقلة فيما تقوم به، فالتجربة كشفت أن من يصفهم نصرالله بـ"الأهالي" إنما هم أداة من أدوات الحزب يستخدمهم حين يحتاج، وقناع يختبئ وراءه لتجنب المواجهة المباشرة مع الذين يتحرج من مواجهتهم بشكل مباشر. ونظراً لأهمية الدور الذي يقوم به "الأهالي"، يحرص نصرالله في كل مناسبة على توجيه التحية لهم ووصفهم بأكرم الناس وأشرف الناس وأعزّ الناس وأطهر الناس وأوفى الناس. رغم أن جميع اللبنانيين يدركون بأن المئات من "أشرف الناس" إنما هم قتلة وقاطعو طرق وسارقون وتجار مخدرات يختبئون في قرى البقاع من أعين الأجهزة الأمنية، لكن وبما أنهم مناصرون لحزب الله فهذا يعني أن ذنبهم مغفور."الأهالي" المؤيدون لحزب الله إرادتهم دائماً منسجمة مع رغبة وإرادة الحزب: إذا طُلب منهم الغضب يغضبون، وإذا طُلب منهم النزول إلى الشارع يفعلون، وحين يُطلب منهم العودة إلى منازلهم لايناقشون. وقد شهد اللبنانيون محطات كثيرة كان لـ"أهالي" حزب الله دور أقرب أن يكون عسكرياً ميليشياوياً، فهم الذين يعترضون طريق آليات قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) جنوب لبنان ويمنعونهم من المرور في الطرق التي يعتبرها حزب الله محظورة، وهم الذين سبق أن اعتدوا على المحققين في المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري في إحدى العيادات النسائية في منطقة الضاحية الجنوبية (معقل حزب الله) وسلبوهم ما يحملون وطردوهم، وهم الذين احتلوا وسط بيروت عام 2007 لأكثر من عام تلبية لطلب حزب الله."الأهالي" في أجندة حزب الله ليسوا فقط أداة، بل هم في أحيان كثيرة ذريعة. فحسن نصرالله برّر سعي حزبه لاقتحام بلدة عرسال وجرودها بأن "الأهالي" مستاؤون من استمرار الخطر المحدق بهم من المسلحين. الغريب أن الأهالي المستائين اليوم من وجود المسلحين، لم يشعروا بهذا الاستياء قبل عام حين كانت بلدة عرسال وجرودها طريقاً للسيارات المفخخة التي تسببت بمقتل وجرح العشرات منهم في الضاحية الجنوبية وقرى البقاع، رغم أن المنطق الطبيعي يقود إلى أن هذه التفجيرات تسببت بضرر كبير لـ"الأهالي"، لكنهم لم يتحركوا حينها، مما يؤكد أن تحركهم لايستند إلى مايصيبهم وما يصب في مصلحتهم، بل للأذى الذي يصيب حزب الله ومصلحته في معركته مع المسلحين على الأراضي السورية. حديث أمين عام حزب الله عن إعلان التعبئة العامة وإمكانية تشكيل حشد شعبي لايهدف فقط لجس نبض اللبنانيين، بل أيضاً لتوجيه رسائل لمن يعنيهم الأمر، مفادها أن الحزب ماض في الغرق بالمستنقع السوري غير عابئ بالأضرار التي يمكن أن يخلّفها، وهو يريد من الدولة اللبنانية الغرق معه، وفي حال إصرارها على الحياد، فالبدائل متاحة وقد تكون مكلفة. فالجميع يدرك أن إعلان إحدى الطوائف عن تشكيل حشد شعبي مسلح في بلد متعدد كلبنان يعني سعي الطوائف الأخرى للإعلان عن حشدها الشعبي الخاص، مع ما يؤديه ذلك من هرولة نحو حرب أهلية جديدة.