15 سبتمبر 2025

تسجيل

الإسلام السياسي العدو القادم

07 يونيو 2014

انتخابات رئاسية في مصر.. انتخابات رئاسية في سوريا.. انتخابات برلمانية في العراق.. انتهاء الانقسام السياسي في فلسطين.. قد يكون ربيعاً جديداً يزهر لكنه ليس ربيع الشعوب ولا يشبه الربيع الذي تفتح مطلع العام 2011. ذاك ربيع أراد كل متضرر منه هدمه وتدميره وتشويهه ونعته بأبشع النعوت، فكان لهم ما أرادوا.ربيع اليوم أزهر براعم الجيوش لا الشعوب.. هنا عودة هادئة للسلطة الأمنية وقبضتها الحاكمة منذ ولادة الجمهورية.. وهناك استعادة قسرية للسلطة مصحوبة بالصخب الإعلامي والبراميل المتفجرة سياسيا وعسكرياً. أفل الربيع العربي وحلّ أرضه فصل جديد، هم يرونه ربيعا مشرقاً، وغيرهم يراه شتاء دامياً، يرافقه رعد وبرق وغيوم ملبّدة، حبلى الثلوج، حاجبة لخيوط الشمس سنوات طوال.. الربيع الجديد شعاره الاستقرار عوضاً عن "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية "، خصمه الإرهاب لا الاستبداد وتوابعه (الفساد والإفساد)، والإرهاب تلك الصفة الأكثر شهرة في العالم اليوم، والأقل انضباطا في التعريف والأوسع في ضمّ النقيض إلى النقيض. أياً كان تعريفه فالإرهاب المطلوب سحقه هو الإسلام السياسي، لا فرق بين معتدل ومتشدد، بين متسلف وإخواني وتحريري.. هي تفاصيل ليست بالمهمة، وكلّ من يدعو للثورة على ما استتب من أمر فهو إرهابي خارجي، شق عصا الجماعة والجمعة، لا فرق إن كان خروجه بالقلم أم بالسيف، فهو زارع بذور الوهن والضعف والخور في نفوس الأمة التي تصارع المؤامرات الخارجية عليها من الغرب المقتول حسداً وغيظاً من نعمة الأمن والبحبوحة والرقي في هذه البلدان العربية المتفضلة على العالم بوجودها بينهم. الإسلام المطلوب اليوم هو "الإسلام الصوفي" أو "الإسلام الجامي" الذي يسبح بحمد الحاكم إذا عطس أو تكلم أو أشار، فنفسق ونخون ونلعن كلّ متردد في حكمة حاكم أو جحد نعمه العظيمة التي منّ بها على "الرعية" التي لا حق لها سوى العيش بسلام وأمان، وما دون ذلك فهو من همزات الشياطين وخبالات الجن.الحرب على الإسلام السياسي.. لماذا؟الإسلام السياسي أثبت عن جدارة أنه عدو الجميع!فهو عدو الغرب دون فرق بين شرق وغرب، بين أوروبي وأمريكي، لم يأبه الإسلاميون للعظمة والصدارة التي عليها الغرب اليوم، يردونه ندا لهم في التعامل.. حاولوا في ذلك وزينت لهم طروحاتهم سوء أعمالهم.. انظر لطريقة تعاطي محمد مرسي مع الولايات المتحدة حسب ما يسرب من وثائق ومراسلات بينه وبينهم.. الإسلاميون لا يكترثون لامتيازات الحقبة الاستعمارية التي توّجت الغرب سيدا مطاعا بين بني البشر، وظنوا أن الشعوب إذا اختارتهم فإن الكون لا يستطع زجرهم، ولو اجتمع له الثقلان من الإنس والجن.. خاب ظنهم وغار فألهم.وهو عدو إسرائيل ثمرة الحقبة الاستعمارية، الإسلاميون لا يقبلون بها طولاً ولا عرضاً رغم أنها عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومعترف بها (فوق الطاولة وتحتها)، عند جميع الدول الإسلامية والعربية، والعلاقات معها على خير ما يرام. الإسلاميون يريدون إزالة إسرائيل من الوجود، لا فرق أن صرحوا بذلك علناً أم أضمروه في صدروهم وأدبياتهم الداخلية.. لا ثقة بهم بتاتا والتعامل مع الشيطان خير لإسرائيل وأرحم.وهو عدو للنظم الحاكمة، للدولة العميقة والعقيمة، لجميع النظم المتسلطة، سواء كانت نظما بوليسية أو عسكرية، برلمانية أم جمهورية أم ملكية. وهو عدو الأحزاب والتيارات المدنية وما يتبعها من مؤسسات المجتمع المدني، فالإسلاميون مشكوك في وطنيتهم وولائهم للعلم والجمهورية، لا يؤمنون بالحدود السياسية للدول والأوطان، وغايتهم الخلافة الإسلامية. وشعار المرحلة اختصرها حفتر ليبيا بكلمات خفيفات على اللسان، ثقيلات في الميزان: لا رغبة لي في الحكم، ولكن سألبي نداء الشعب إذا استدعاني.. مهمتي تطهير ليبيا من الإرهاب والإخوان المسلمين.. ليبيا ستكون مقبرة الإسلام السياسي.هل سينجح الأمر؟ هو مرهون بعوامل عديدة، منها أنواع السلاح التي تحارب بها النظم، ومنها الأدوات المتوفرة لدى الإسلام السياسي فكريا وسياسيا واجتماعيا في كسب المعركة التي نصبت له أو التقليل من حجم خسائرها.