27 أكتوبر 2025

تسجيل

أسس التربية الحضارية في الإسلام

07 يونيو 2014

امتازت هذه التربية الحضارية بتربية أفرادها على عدم الفصل بين الجانب المادي والمعنوي، وهذه الميزة تفتقدها الحضارات الغابرة والمعاصرة.كما تمتاز بأنها تولي القيم والأخلاق عناية كبيرة، وتهتم بها أيما اهتمام، ويؤكد هذا الجانب أن الأمة بمجموع أفرادها كانت تتربى على القيم والأخلاق نظرياً وعملياً، ومن خلال الوازع السلطاني، والوازع القرآني اللذين أكدا الالتزام بالكتاب والسنة، بينما يرى المتأمل في حال الحضارات الغابرة أنها ما دمرت، ولم تضمحل إلا بسبب التهاون في هذا الجانب أو إهماله. وبناء الحضارات يتطلب التركيز على التربية الأخلاقية لأن في ذلك ضماناً – بإذن الله – لبقاء الحضارة وتمددها وفعاليتها.وتتصف الحضارة الإسلامية أيضا بأنها شاملة، وميدانها جميع مناشط الحياة، فتربى المسلمون فيها على العمل بتوازن دقيق بحيث لا يطغى جانب على آخر، فلا يطغى جانب الجسد على الروح، ولا العقل على الجسد، وهذا التوازن مما هو مظنة سمو الحضارة من جميع جوانبها وشمولية الحضارة الإسلامية تجمع بين الجانبين الروحي والمادي، ففي الأول يتضح منهج القيم الموجهة للسلوك في إطار المفهوم الصحيح للعقيدة الإسلامية، وفي الثانية تتضح معالم الإنجاز الحضاري، وفاء بمهام الخلافة وكافة الأنشطة لاستثمار خيرات الكون، والحرص على تعمير الكون، وتقديم الخير للآخرين بما يكفل سعادتهم.ويذكر صاحب السطور أنه مما يدل على عظمة تلك الحضارة تغلغلها في جميع دول العالم في ذلك الوقت، وفي تلك الفترة الزمنية التي مكثتها والتي تزيد على عشرة قرون، مما يدل على عظمتها أيضا ذلك الكم الهائل من العلماء والمفكرين الذين أخرجتهم، واعتمدت عليهم في بناء الحضارة، وأكثر من ذلك هو تلك المؤلفات الضخمة التي أفرزها العقل المسلم في تلك الفترة.وحسبنا أن نشير إلى أن بعض أولئك العلماء ألف المئات وليس العشرات من الكتب في شتى مجالات العلوم، ومن هؤلاء البيروني وابن تيمية والغزالي وأبو الوفاء بن عقيل وابن الجوزي وغيرهم.ويستخلص كاتب السطور كذلك أهمية التربية الحضارية للأجيال المسلمة من جملة خصائص لها تتمثل في الأمور التالية:1 – أنها تتبنى حضارة ربانية مؤمنة.2 – أنها تتبنى حضارة أخلاقية خيرة.3 – أنها تتبنى حضارة متكاملة متوازنة متناسقة بين عناصرها.4 – أنها تتبنى حضارة متفوقة ومسعدة للبشرية.5 – أنها تتبنى حضارة إنسانية عالمية.6 – أنها تهتم بالتقدم في الكشف عن أسرار الطبيعة البشرية ومكونات النفس أكثر مما تهتم بالتقدم في الكشف عن أسرار الطبيعة المادية.