16 سبتمبر 2025
تسجيلنحن نمر بمرحلة حرجة من أزمات وصراعات في الداخل ونعيش في أزمات صنعناها بأنفسنا. ومهما كان دور الخارج فإنه لن يلقى قبول إذا تحصن الداخل، هناك بلا شك أجندة ومؤامرات كبيرة نظراً لأهمية المنطقة من حيث موقعها بين دول الشرق والغرب، وأنها مهبط الديانات وتحمل ثروات اقتصادية ضخمة ومعادن، كما أنها ممرات دولية مهمة، ويبقى وجود جسم غريب وسط هذه الأمة اسمه إسرائيل مصدر أزمات في هذه المنطقة، التي هي محل الأطماع على مدى التاريخ. إسرائيل بلا شك لن تستقر وتأمن إلا بأزمات وصراع العرب واستنزاف طاقاتهم ولكن هذه المرة العرب كرماء يقدمون لها مجاناً صراعاتهم وتدمير أنفسهم وتخريب بيوتهم بأيديهم، نشاهد حرب حقد شديد لم نرها مع الأعداء. نجد حرباً في اليمن ودعوات للتمزيق وتدمير للكهرباء والانتقام من المواطنين من عشاق السلطة والقيادة وإثارة الطائفية والمذهبية حتى أن أحدهم مستعد للقبول بأي عرض على أن يكون له موقع قيادي، فنجد علي سالم البيض والجفري والعطاس والحوثي لا يهمهم أمر اليمن والناس حتى لو ماتوا حرقاً أو جوعاً وعطشاً ومرضاً. المهم أن ينتصروا لأنفسهم وهذا ما يريده الرئيس السابق وأقرباؤه والمشايخ القبليون والزعامات المتطرفة التي تستبيح دماء أهل القبلة لصالح أعداء الأمة، وهذا السودان الذي كان يجمع القمم العربية والذي كان يرأس لجان المصالحة العربية والإفريقية لا توجد به قيادات بل صراعات الوطني والشعبي والأمة الاتحادي وغيرهم من قيادات دارفور وكردفان التي مازالت تريد الحكم ولو على حساب هويتها ودينها ومواطنيها وتقتل الأبرياء وتشرد المواطنين وتوالي الأعداء على حساب الوطن لأن السودان لا يوجد به محمد أحمد محجوب ولا إسماعيل الأزهري ولا غيرهم من العقلاء ولأن حكماء السودان خرجوا من بلادهم بعد أن سدت بوجوههم الأبواب ورفض النظام النظر للواقع وأن يقدم السودان على عشق القيادة. وهذه مصر قلنا فيها كثيراً من يثير الأزمة بين المسلمين والأقباط، وهناك من يثير النوبة، وهناك من يختلق أزمة بسيناء، وهناك من يدمر الاقتصاد، وهناك من يستمر في توتير الأمن والاستقرار ويرفض الحوار، وهناك قيادات معارضة وحكومة تعشق القيادة ولو على دمار مصر ومصالحها. وهناك صراعات في تونس، وهناك الشام تحترق لأن هناك عشاق سلطة على حساب بلد انتهى ولم يبق إلا الركام والقادة مصرون على التمسك بالكراسي، وهناك العراق حكام طائفيون يدمرون ويقتلون ويحرقون بأبشع جريمة إنسانية لأجل السلطة وكأن السلطة التي وصفها رسول الله ما ذئبان جائعان أرسلا لقطيع من الغنم بأحرص عليهما حرص المرء على الشرف والمال. نحن نعاني من أزمات بمجال القيادة فهناك حب للقيادة حتى آخر لحظة وتفتقر إلى مواصفاتها وعندنا قيادات ليست على المستوى المطلوب لا توجد لديها خبرة، هذه القيادة عندما تكون خارج السلطة ترفع شعارات ودعايات ووعوداً فإذا ما تولت تنكرت لكل ذلك وتكبرت وتجبرت ومارست أبشع من السابقين ولا نجد أي تغيير، فأين الخلل يا ترى؟ أعتقد كما يصف التاريخ لنا أن الأمة هي التي تصنع القيادات الأمة التي يستحق سعد بن أبي وقاص وأبوعبيدة يستحيل يرأسها الأسد والمالكي وأمثالهما، لأن الأمة لم تغير نفسها، فهذا مخالف لسنة الكون التي قالها القرآن "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، هناك مرض عندنا اسمه النرجسية أي تقديس الذات وأنا فوق الجميع واحتقار للآخرين، أعرف أشخاصاً وصلوا للسلطة فتغيروا واحتجبوا وترفعوا وتنكروا وجحدوا وكانوا بسطاء أغرتهم المناصب والأموال لأن التعيينات تتم ليس على أساس المصلحة العامة ولكن إرضاء ومجاملات، العالم تغير من حولنا ونحن مازلنا على أحوالنا، لو رأينا عدداً من القادة وأصحاب المناصب في العالم كيف يتداولون السلطة بسلاسة ومن تركها لا يعود ولا يهدد ولا يتآمر ولا يقتل وهو بسيط، رأيت نائب رئيس الوزراء البريطاني مع وزيرة يتحدثان للجالية الإسلامية بلندن ببساطة وحوار مفتوح يستحيل أن يكون في بلادنا لأنهم غيروا منهجهم وحتى الرؤساء في آسيا وغيرها. أما بلادنا فلا يستطيع أحد الوصول إليهم لأنهم ببروج عالية. التقيت محافظا يمنيا وتواعدت معه لأقدم له اقتراحات وآراء مفيدة وتواعدنا ولم يحضر ولم يعتذر وكنت أرسلت له مقترحات فكان مصيرها سلة المهملات، وكذلك غبره من مسؤولين عندنا. ولكم يتحدث العقلاء فلا يجدون من يسمع لهم لأنهم ينظرون إلى نوع المصلحة والمركز والفائدة التي ستعود عليهم شخصياً منك، وتتصل بأشخاص فلا يردون عليك، وهناك في مجالات العلماء والمفكرين الذين تراهم في التليفزيون ويستحيل أن تراهم بالواقع. فهناك فعلاً أزمة قيادة وهذا مما جعل أنصاف المتعلمين وأرباعهم يتصدرون الأمور وساد الجهال الأمور أو الطيبون ممن لا خبرة لهم ولا توجد كفاءات، نحن نواجه أزمة قيادة تجمع شمل الأمة تنزل إلى مستوى الناس وتفكر بواقع الأمة بحاجة لقيادات لا تستغل عواطف الناس باسم الطائفية والمذهبية والعرقية والشعارات للوصول لأهدافها، قيادات تجمع شمل الأمة وتوحدها، قيادات تحمي الشباب والأجيال وقوية عادلة رحيمة حازمة أين هي؟ أما لهذا الليل من فجر. اللهم ارحمنا وأرحم ضعفنا وول علينا خيارنا ولا تول علينا شرارنا.