10 سبتمبر 2025

تسجيل

المعلم الذي نريد

07 مايو 2024

قبل أن نتكلم عن أهمية الدعوة إلى الله في مدارسنا، فعلينا جميعاً نحن - القادة وأهل الشأن - من تربويين وغيرهم، أن نعلم حاجة الناس كلّ الناس إلى الدعوة إلى الله على مختلف أعمارهم وألوانهم وقوتهم وضعفهم أنهم في أمس الحاجة إلى دين الله القويم لينظم شؤون حياتهم سواءً كان في علاقتهم مع مجتمعهم أو في مدارسهم أو خاصة أنفسهم. وعليه فاعلم أخي في الله أن الدعوة إلى الله عمل متعدد النفع، حلو المذاق، كثير الأجر لما يعقبه من حسنات لا يعلمها إلا الله مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدي كان له من الأجر مثلُ أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا» وقوله:»فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً خيرٌ لك من حمر النعم» فأي عطاء أعظم من أن تكون داعية إلى دينك وأخلاقك؟ فعندها تقر الأعين وتطمأن الأنفس وتلهج الألسن بالشكر لله على هذه المنة، لما فيها من الأجر العظيم والثواب الجزيل. والآن اسمح لي أن أخصك بالخطاب أخي المعلم والتربوي على وجه الخصوص، فأقول: اجتهد في طلب العلم الشرعي مهما كان تخصصك، وقم بتوظيفه، بحيث تكون أنت منصة إطلاق خير للعمل الدعوي في صفك ومدرستك ومسجدك. واحرص على أن تبيت النية الصالحة، والهمة العالية، واجعل منها نفسا تضيء، وهمة تتوقد. فمهما كان تخصصك فأنت تستطيع نفع طلابك بما تقدم لهم من زاد للدعوة إلى الله مرتبط بالمنهج الذي تدرسه، ولن يعدموا منك علمًا أو نصحًا أو توجيهًا أو رأيا فيه خير. فتزود من العلم بما تخدم به دينك ومادتك العلمية التي تدرسها، وكن أنت في مقدمة الركب دائمًا، وقد قال الإمام الرازي الطبيب : «ومن لم يستزد من شيء ما، نقص لا محالة، وتخّلفَ عن رتبة نظرائه». واعلم - يا رعاك الله أنك تحمل شرف مهنة من أشرف المهن؛ مهنة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم، وطلابك أمانة بين يديك، بل انهم رعيتك التي استرعاك الله إياها، فعليك أن تبذل ما بوسعك من خير قولاً وعملاً وقدوة وسلوكاً؛ حتى تكون أهلاً لتحمُّل المسؤولية في نظر طلابك وتؤديها على أكمل وجه. ولا تُحْرَم الأجر من الله تعالى. واعلم يا رعاك الله أنَّ بإمكانك أن تصنع جيلًا، تبنى عقولاً، وتربي طالباً يكون في نهاية المطاف مواطنًا صالحًا ؛ ينفع الله به البلاد والعباد. ولتسأل نفسك في كل وقت وحين: ماذا يعني أن أكون مدرسًا داعية مع علمي وعلمك أنها مهنة شاقة، وعمل متعب، أعباؤها كثيرة ونتاجها يتأخر ثماره؛ فبناء الأجيال بحاجة إلى صبر وتريث؛ فالأجر على قدر المشقة وطموح كلّ عاقل وكسب ثمين للأمة جمعاء. أخي المعلم، اعلم أن التعليم عبادة لله تعالى وفيها فضل عظيم، متى صلحت النية وقصد به وجه الله تعالى. ومن هنا أخاطب فيك الغيرة والحمية لدين الله، فأنت على مسافة قريبة من طلابك ومحبيك، وتدرك الغفلة التي يعيشها هذا الجيل، وترى بأم عينك التي لا تخطئ مظاهر الإعراض عن الدين ومصارع الفتن التي تتخطفهم. فكيف يهنأ لك عيش ويطيب لك مقام أن لا تتقدم نحوهم خطوة، تُبرئ بها الذمة أمام الله بقولك قدمت ما بوسعي فبارك لي فيه يا الله؟ ويحزُّ في النفس أن ترَى الشاب الذي يعيش معاناة المراهقة، ويصارع أمواج الشهوات، وتعصف به رياح الفتن من كل فج، وآخر نشب بين أظفار قرناء السوء فأحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم. فهل وصل بنا ضعف القدرة ونقص الخبرة على أن نقدم له ولأمثاله زاداً يهدي إليه صوابه ويعيد إليه رشده ويغسله مما أَلَمَّ به من ملهيات الدنيا وملذاتها، أجزم أنك أهل لذلك. وأخيرا أعتذر لهذا الخطاب الجريء فلولا مسؤوليتنا التي سنسأل عنها جميعاً، قادة ومربين، ومن يعمل في هذا الحقل التربوي، لما كتبت هذه الأسطر إبراء للذمة. ولولا أن الأمر لا يتحمل التسويف لطويت الصفحة، ولولا ثقتي الكبيرة بأن ما أقوله سيثير كوامن خفية في نفسك لما سطرت حرفًا أو كتبت كلمة. سدد الله خطانا لما فيه الخير والصلاح لأبنائنا.