11 سبتمبر 2025

تسجيل

القارئ الجيد هو من يصنع الكاتب الجيد

07 مايو 2024

يقول القارئ الأشهر في العالم الإسلامي الشيخ «مصطفى إسماعيل» رحمه الله، «القراءة» عايزة مجاوبة «ذواقة»، السميعة هم من علموني، وتعليمي تعليم سمع، فكان السميعة خبراء مقامات وغير ذلك. الإسقاط: أن القارئ الجيد هو من يصنع الكاتب الجيد. الإشكالية: وقد حل العرب في ذيل الترتيب حسب إحصاءات رصينة في القضية الأساس «القراءة» فإن أمة «اقرأ» لا تقرأ!. (سانت بيف) اسم عرف به «شارل أوجستان» كبير نقاد فرنسا في القرن التاسع عشر، كتابه «شاتوبريان وجماعته الأدبية» يقول: إذا عرفت أن تقرأ كتاباً قراءة جيدة دون توقف عن مواصلة تذوقه فذلك هو النقد؛ والمهمة الأولى والأخيرة للناقد أن يقرأ فيفهم فيحب أو (يكره)، فيقدر أن يحكم ثم يسهل للآخرين ما قرأه وما فهمه وما أحبه، والتذوق الفني برأيه «يعتمد على التـأثير الذاتي بالجدة والبراعة في الخلق والإبداع، وهو ناتج عن موهبة وثقافة، لا غنى لإحداهما عن الأخرى في الإقناع بالجودة والرداءة». ورحم الله العماد الأصفهاني حيث يقول: إني رأيت أنه لا يكتب أحدُ كتاباً في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، إنها عبر دالة على استيلاء النقص على جميع البشر.رغم المزايا الكثيرة التي توفرها منظومة التواصل والاتصال ومحركات البحث، إلا أنه من البديهي أن نذكر أن وجود هذه المنظومة ليس هو الأساس في إنتاج قصة شغف جديرة بالمتابعة، وإنما الأساس هو وجود أسس واضحة لمعنى ومغزى الكتابة والتحليل... لماذا نكتب؟ ولماذا نبحث ونحلل؟ إنها أسئلة بسيطة جداً، ولكنها حرجة. قد لا تثير استغراب الكثيرين وربما كبار الكتاب والمحللين، وليس لديهم مفهوم واضح لهدف الكتابة وعوامل نجاحها، التقنيات المتطورة، وأساليب التحليل الحديثة، تعد عاملاً ثانوياً، وأن العامل الأهم في التحليل هو تناوله نقاطاً جديدة لم يتم التطرق إليها من قبل، أو نقاطاً تم بحثها، وما زال هناك نقص في جوانب معرفية خاصة بها، بحيث إنه من خلال ذلك يمكن للبحث أن يضيف شيئاً إلى المعرفة القائمة في مجال التخصص، وتظل التقنيات وأساليب التحليل أدوات، وليست أهدافا للكتابة والتحليل. اصطفاف الكاتب أو المحلل وراء وجهات نظر جامدة بدوافع غرائزية وأدوات متواضعة، تدفعه على الدوام الطلب من الخياط تفصيل «طقم» للزر الذي بحوزته وليس العكس. الكتابة «السريعة» تشبه شجرة خريفية تعرت من أوراقها ويبست دون أمل بحلة جديدة، توصلها اللاثقة للانتحار المهني والإنساني، في نهايتها يدرك صاحبها أنه كان يقوم بأعمال شاقة لم يعد قادرا على الاستمرار بها عندما تلعي نفسه، تجاه كل حرف وكلمة وجملة، فالرباع بات عاجزا عن إضافة أي وزن مهما تناهى صغره، بمعنى استنفاد كمية الادعاءات المزيفة حتى عن كلمة أو موقف بفعل الهرمونات السياسية والاجتماعية المغشوشة التي أدت إلى ضمور العضل الفكري والأخلاقي وكساد المنتج. بغض النظر عن الاعتبارات الضاغطة التي باتت تحكم معظم المهن زمن العولمة، وقد تريعنت المهنة، لصالح تبعيات التمويل، التي تتطلب التطبيل لسرديات تؤدي في أغلب الأحيان لضياع الفرص الإنسانية البديلة الممكنة في الوصول نحو الأفضل، لذلك توضيحاً وليس تبريراً حرية الموقف والبحث عن الجدوى الحقيقية هي الأساس. الإبداع يتطلب الدوافع وليس الذكاء وإن تضمنه، المقتلة هي ممارسة الضغط والعنف على الكلمات والمواقف والاستنتاجات لتخرج، دعها تتدفق وتلح بنفسها، كل ما عليك إعطاؤها الفرصة عندما تبلغ مرحلة النضوج، الكاتب والمحلل أياً كان يحتاج إلى الإلمام بأصول الحرفة وتقنياتها وأدواتها المناسبة كأي مهنة أخرى، والاهم من ذلك كله ان تكون لك قضية إنسانية حقيقية.