18 سبتمبر 2025
تسجيلطويت صفحة أحمد داود اوغلو في الحياة السياسية والحزبية في تركيا.القرار كان مساء الأربعاء الماضي عندما اجتمع رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان مع رئيس الحكومة وحزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو. الاجتماع لم يكن لتلافي الأزمة التي انفجرت داخل حزب العدالة والتنمية بل للبحث في كيفية إخراج الاستغناء عن خدمات رئيس الوزراء وإحلال شخصية أخرى مكانه في رئاسة الحزب ورئاسة الحكومة.الاتفاق كان على أن يذهب حزب العدالة والتنمية إلى مؤتمر عام في 28 مايو الجاري يتم خلاله انتخاب رئيس جديد للحزب وألا يتقدم داود أوغلو بترشيحه ليكون رحيل داود أوغلو خارج الطرق المعتادة أي إما بالاستقالة أو بالإقالة أو بحجب الثقة عنه في البرلمان. وهذه الطريقة بترك رئيس الحكومة منصبه، أي عبر مؤتمر الحزب، سابقة في التاريخ التركي.حفظ هذا الإخراج ماء الوجه لواحد من الشخصيات الأكثر إثارة في تاريخ الجمهورية التركية.لكن لماذا تم الاستغناء عن خدمات داود أوغلو؟يمكن القول إن طريقة رحيل داود أوغلو من رئاسة الحزب والحكومة تشبه كثيرا طريقة مجيئه. في شهر أغسطس 2014 انتخب أردوغان رئيسا للجمهورية. ومع أن رئيس الجمهورية حينها عبد الله غول كان الأكثر احتمالا ليخلف أردوغان في رئاسة الحزب والحكومة غير أن أردوغان دعا لمؤتمر قبل يوم واحد من انتهاء ولاية غول الرئاسية مما حال قانونيا دون أن يشارك في المؤتمر ويترشح لزعامة الحزب وكان الاختيار على داود أوغلو ليصبح خليفة أردوغان. كان مؤتمر الحزب وسيلة ليتخلص أردوغان من ترشح غول. أردوغان رفيق غول في درب حزب العدالة والتنمية بل إن الحزب قام على أكتاف غول في الانتخابات النيابية عام 2002 وفي أول حكومة تتشكل. الطبائع الشخصية لأردوغان دفعت لاختيار داود أوغلو وليس عبدالله غول. وكان هذا أكبر شرخ نفسي على الأقل في الحزب حينها.اليوم يخرج داود أوغلو من الحزب والحكومة بالطريقة نفسها. مؤتمر للحزب يستغني عنه.لم يكمل داود أوغلو عامه الثاني. يكون مر عليه سنة وثمانية أشهر تقريبا. هي أقصر فترة في رئاسة حزب سياسي كبير في تركيا. أيضا سوف يدخل ذلك في السوابق التاريخية.ليس داود أوغلو شخصية كاريزماتية ولا شعبية مثل أردوغان. هو مثقف وأكاديمي جاء إلى السياسة من طريق البحث العلمي والمهنة الجامعية. هذه لا تصنع زعامة. وداود أوغلو بطبيعته شخصية غير صدامية. جاء به أردوغان لأنه وفيٌّ له وموالٍ له ويمشي في قراراته.لكن المحللين الأتراك يجمعون وليس فقط بغالبيتهم على أن داود أوغلو وقف معارضا ضمنا لرغبة أردوغان بتغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي.لم يقل داود أوغلو ذلك علنا بل إنه كان يقول عن النظام الرئاسي مناسب لتركيا.لكن أردوغان بعد وصوله إلى رئاسة الجمهورية أراد أن ينقل معه صلاحيات الحكومة وأن يكون هو الزعيم المباشر للحزب. لكن الدستور يحول دون ذلك فكان لا بد من معركة تعديل الدستور. لم ينجح حزب العدالة والتنمية في انتخابات يونيو 2015 ولا في انتخابات الإعادة في الأول من نوفمبر من العام نفسه في أن يحصل على العدد اللازم من النواب لتعديل الدستور في البرلمان أي ثلثي المقاعد (367 نائبا) ولا على 330 نائبا التي تخوله تحويل اقتراح التعديل الدستوري إلى استفتاء شعبي. هذه النتائج غير الكافية تم تحميل مسؤوليتها لداود أوغلو.لكن الأكثر من ذلك أن داود أوغلو نفسه رغم عدم رفض أي طلب لأردوغان كان ضمنا يبدي تحفظه على تعديل الدستور. وبالتالي لم يبذل الجهود الكافية في هذا الاتجاه.وعلى قاعدة إحراجه لإخراجه لجأ مؤيدو أردوغان إلى نزع صلاحية تعيين رؤساء الفروع الحزبية من يد داود أوغلو وحصروها باللجنة المركزية. وعندما استفسر داود أوغلو عن الخطوة قبل حدوثها قالوا له هذه تعليمات أردوغان. وكان ذلك كافيا لوصول الرسالة.وهكذا تقرر في لقاء أردوغان – داود أوغلو الثنائي مساء الأربعاء إنهاء حياة داود أوغلو السياسية بطريقة تحفظ ماء وجهه.طويت مرحلة مهمة من تاريخ تركيا ارتبطت باسم داود أوغلو ولاسيَّما في السياسة الخارجية، ليبقى السؤال: هل تكفي هذه الخطوة لتنفتح الطريق أمام إقرار النظام الرئاسي وكيف؟