19 أكتوبر 2025

تسجيل

كن خلوقاً تنل ذكراً جميلاً

07 مايو 2014

أحياناً نبحث عن معلومة أو إجابة لسؤالٍ معين فنجدها عند الآخرين الأكثر علماً أو معرفة، ولا غضاضة في أن نتواضع ونسأل عن شيء نريد الإجابة عنه، فالتواضع يُورث العلم، والذين يساعدوننا في الإجابة عن معلومةٍ ما ويساندوننا في اقتناء الأشياء التي تغيب عنا، كالنخل الذي نرميه بحجر فيعطينا أطيب الثمر، ويحضرني بيت الشعر القائل: كن كالنخل عن الأحقاد مرتفعاً *** يُرمَى بالصخر فيلقي أطيب الثمرِ.في المقابل أحياناً يستحي البعض عن سؤال الآخرين، لأنه يشعر بأنه أقل مرتبة منهم، فيكف عن سؤالهم، وهذا النوع لن يتعلم لطالما ترفَع واستحى، كما قد يتجاهل البعض أيضاً سؤال الآخرين ليكتسب المعرفة حسداً منه، ويقول في نفسه لماذا هو أحسن مني، إذن لنتغاضى عن مساوينا ونشرع في تعلم الأشياء من أولئك الذين سبقونا دون حسد أو مقارنة بأنفسنا، وبذلك ننجح في نيل المعارف والمهارات، فالناجح هو الذي يتعلم من الأخطاء والجوهري لا يتعلم، فيعيد نفس الخطأ عدة مرات لطالما استحى أو ترفع عن الآخرين، لنرتق بأنفسنا ولنحتل مراتب عليا في قلوب من حولنا، ولنعامل الناس بأخلاقنا لا بأخلاقهم، وكن خلوقاً تنل ذكراً جميلاً، وقد سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيُ الأعمال أفضل، فقال: الخلق الحسن، فالأخلاق هي التي تجذب الآخرين إليك، فتكون أنت حقاً الشخصية المغناطيسية الحقيقية.وتحضرني هنا قصة قرأتها لمهاتير محمد رئيس ماليزيا السابق، وقد كان معلماً، وبدهائه عمل على عمران ماليزيا وأستحضر مقولته الشهيرة حين قال: إذا أردنا الكعبة نتجه إلى السعودية وإذا أردنا البناء نتجه إلى اليابان، وفي عام 1974 كان مهاتير محمد ضيف شرف في حفل الأنشطة الختامية لمدارس كوبانج باسو في ماليزيا، وذلك قبل أن يصبح وزيراً للتعليم في السنة التالية، ثم رئيسا للوزراء عام 1981، قام مهاتير في ذلك الحفل بطرح فكرة عمل مسابقة للمدرسين وليست للطلاب، وهي توزيع بالونات على كل مدرس، ثم طلب بأن يأخذ كل مدرس بالونة وينفخها ومن ثم يربطها في رجله، وفعلاً قام كل مدرس بنفخ وربط البالونة في رجله، جمع مهاتير جميع المدرسين في ساحة مستديرة ومحدودة وقال: لديَ مجموعة من الجوائز وسأبدأ من الآن بحساب دقيقة واحدة فقط، وبعد دقيقة سيأخذ كل مدرس مازال محتفظاً ببالونته جائزة، بدأ الوقت وهجم الجميع على بعضهم البعض كل منهم يريد تفجير بالونة الآخر حتى انتهى الوقت، فقط ظل شخص واحد بقي محتفظاً ببالونته، والعبرة وقف مهاتير بينهم مستغرباً وقال: لم أطلب من أحد تفجير بالونة الآخر، ولو أن كل شخص وقف دون اتخاذقرار سلبي ضد الآخر لنال الجميع الجوائز ولكن التفكير السلبي يطغى على الجميع، كلٌ منا يفكر بالنجاح على حساب الآخرين، مع أن النجاح متاح للجميع، ولكن للأسف البعض يتجه نحو تدمير الآخر وهدمه لكي يحقق النجاح، وهو أحد السلوكيات الواقعية التي نعاني منها في حياتنا، وهي عادة قد تكون مرادفة للحسد، بل والكبر أحد أركانها، وفتنة إبليس وخروج آدم عليه السلام من الجنة مثال آخر والشاهد: الكف عن الحسد فنجاحك لا يستوجب عليك أن تسعى لإفشال غيرك، وكلما أحسنت نيتك وطهرت مقصدك أحسن الله إليك وأكرمك، وكلما تمنيت الخير لغيرك وفقك الله إلى النجاح، عبرة تحتاج للتأمل وإعادة التفكير في تصرفاتنا تجاه الآخرين.