11 سبتمبر 2025
تسجيلبالنسبة للدبلوماسي، يُعد التكيف مع منصب جديد مغامرة دائمًا يتعلم فيها التواصل بطرق جديدة مع الثقافات المختلفة. بصفتي السفير البريطاني الجديد، كان لي شرف الانغماس في نسيج الحياة القطرية الغني منذ شهر يناير، وكان شهر رمضان جزءًا كبيرًا من تجربتنا الأولى في قطر بالنسبة لي ولعائلتي. يُعد الشهر الفضيل وقتًا للتأمل والتفاني والتواصل المجتمعي، وهي قيم يتردد صداها بعمق عبر الثقافات. لقد قضيت سابقًا شهر رمضان مع أصدقاء أفغان في كابول، وتجولت فيه مع عائلتي في خان الخليلي بالقاهرة، كما تناولت "أم علي" في المساء على كورنيش الإسكندرية وفي وجبات الإفطار في لندن وأكسفورد أيضًا. لكن كان قضاء شهر رمضان هذا العام في الدوحة مميزًا للغاية. كانت زيارة مسجد المدينة التعليمية المبهر في مؤسسة قطر واحدة من تجاربي المميزة، حيث تشكل مئذنتاه الشاهقتان منارة بارزة في أفق الدوحة ومعلمًا مألوفًا. كانت مشاهدة المصلين داخل المسجد في سلام وسكينة تبعث على التواضع. خارج المساجد، كانت الأجواء والأصوات والروائح الرمضانية جزءًا من تجربة عائلتي. كما هو حال العديد من سكان الدوحة، قضينا بعض الوقت في سوق واقف الذي كان يعج بالعائلات التي تستعد للقرنقعوه في آخر مرة ذهبنا فيها. اختار وقتها أطفالي ملابس جديدة وحقائب مليئة بالحلويات، فكانت التجربة لمحة جميلة عن التراث القطري مُذكرة أنه وسط التركيز الروحي لشهر رمضان، هناك أيضًا وقت للاحتفال والمرح العائلي. ولا أنسى أيضًا زيارتي لمتحف الفن الإسلامي، حيث تمكنت من رسم رحلة المصمم المعماري أيوه مينغ بي عبر العالم الإسلامي، الذي استوحى تصميم هذا المتحف العظيم من نافورة مسجد أحمد بن طولون بالقاهرة. كما التقيت أيضًا بمديرة المتحف السيدة شيخة النصر حيث ناقشنا عرض بعض القطع من متحف فيكتوريا وألبرت في لندن كجزء من التبادل الثقافي في مثال رائع على التعاون البريطاني-القطري. رمضان يدور أيضًا حول إقامة الروابط. لقد حظيت بحضور العديد من وجبات الإفطار والغبقات والسحور، حيث شاركت هذه الوجبات مع أصدقاء قطريين جدد أبدوا كرمًا لا محدودًا. ناقشنا خلالها كل شيء بدءًا من عائلاتنا إلى التحديات التي تواجه المنطقة. أثناء تناول التمر والأطباق القطرية التقليدية، شعرت بروابط حقيقية تذكرنا أننا رغم خلفياتنا المختلفة، إلا أننا نتقاسم قيم الإنسانية المشتركة. هذا الشعور بالهدف المشترك كان مؤثرًا بشكل خاص خلال هذا الشهر الفضيل. بينما يجتمع المسلمون في جميع أنحاء العالم للصلاة والتأمل، فمن المستحيل تجاهل معاناة الآخرين، وخاصة في غزة. جعلني هذا أركز أكثر في عملي كسفير. إن الحد من المعاناة الإنسانية هو مبدأ أساسي في السياسة الخارجية البريطانية وهو شغفي الشخصي. لقد كانت غزة على رأس أولولياتي يوميًا منذ أن توليت هذا المنصب. لقد ضاعفت المملكة المتحدة التزامها بتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني ثلاث مرات هذا العام، مقدمةً تمويلًا إضافيًا بقيمة 70 مليون جنيه إسترليني للدعم الإنساني، ونحن نبذل قصارى جهدنا لإيصال المزيد من المساعدات في أسرع وقت ممكن عن طريق البر والبحر والجو إلى غزة. قامت المملكة المتحدة بتمويل برنامج الأغذية العالمي لتوفير المساعدات الغذائية لنحو 275 ألف شخص. يقوم سلاح الجو الملكي، مثل الآخرين، بإسقاط أطنان من الماء والأرز وطعام الأطفال على المدنيين. هذا بالطبع غير كاف، ومن غير المعقول أن تكون غزة على حافة مجاعة مدمرة. يجب أن يكون هناك نهاية فورية للقتال ووقف دائم لإطلاق النار. ولهذا كان إعجابي بالغًا بقيادة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الوزراء معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ودولة قطر لجهودهم الحازمة والضرورية لإنهاء هذا النزاع. تقف المملكة المتحدة إلى جانب دولة قطر لدفع هذه الجهود قدمًا. في يناير الماضي، زار وزير الخارجية اللورد ديفيد كاميرون دولة قطر لإجراء محادثات وشهد إرسال شحنة مساعدات مشتركة بين المملكة المتحدة وقطر من قاعدة العديد إلى غزة. كما زار وزير شؤون التنمية أندرو ميتشل دولة قطر للإعلان عن مبادرة تمويل مشترك بين المملكة المتحدة وقطر بقيمة 50 مليون دولار بالتعاون مع سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، تهدف إلى الاستجابة الإنسانية العالمية، وهي شهادة على التزامنا المشترك بإحداث تأثير كبير. لقد كان شهر رمضان الأول لعائلتي في الدوحة مليء بالترحاب والدفء. لقد كان وقتًا للنمو والتفكير وبناء صداقات جديدة. لكنه قبل كل شيء، كان بمثابة تذكيرًا قويًا بأهمية العمل معًا لبناء عالم أفضل. أثق أن المملكة المتحدة وقطر ستستمران في كونهما شريكين قويين. مع اقتراب احتفالات عيد الفطر، أتطلع لتعميق هذه الروابط بشكل أكبر.