15 أكتوبر 2025

تسجيل

السياسة النقدية والمواءمات الاقتصادية

07 أبريل 2019

أسعار الفائدة العالية تدفع لتراجع النمو الاقتصادي   السياسة النقدية في الأساس معنية بمستوى السيولة النقدية والأداة الرئيسية لها هي أسعار الفائدة وبيع وشراء السندات ورفع أو خفض معدلات الاحتياطي القانوني، فهي إذًا مجموعة الأعمال والتدابير التي يقوم بها المصرف المركزي من خلال الرقابة على النقد لتحقيق أهداف السياسة الاقتصادية المتمثلة في تحقيق معدلات نمو عالية وتشغيل أمثل للاقتصاد مع استقرار سعر النقد وتحقيق المواءمات الاقتصادية. وللسياسة النقدية أدوات تدخل عامة تتمثل أولا في أسعار الفائدة، ثم في بيع وشراء السندات بالسوق؛ حيث إنها تُقوَّم في السوق – أعني سوق السندات- وسعر الفائدة فيها تحددها قوى العرض والطلب، وهي تعكس قوة الاقتصاد أوضعفه. والأداة الأخرى هي رفع وخفض الاحتياطي القانوني، ويعني وجود نسبة من حجم الودائع لدى المؤسسات المالية، ويرتبط بالمقاييس الدولية مثل بازل واحد وبازل اثنان، وبازل ثلاثة، وبالمناسبة بازل منطقة بسويسرا بها أشهر البنوك العالمية، وأخذ اسمها للمعيار الدولي في تحديد معدلات الاحتياطي القانوني على المستوى العالمي. والاحتياطي القانوني أداة تستخدمها المصارف المركزية بشكل نادر؛ وذلك لصعوبة قياس تأثيرها على النشاط الاقتصادي ومداها الزمني، بخلاف خفض أسعار الفائدة التي يكون تأثيرها سريعا ويمكن قياسه. إن عدم استخدام الاحتياطي القانوني ليست له تداعيات سلبية، بل تأثيراته تكمن في صعوبة قياس السياسات النقدية بشكل دقيق وسريع وفي حدود معلومة. إن رفع أسعار الفائدة يعني إسهام السياسة النقدية في ضبط معدلات التضخم، ففي أوقات التضخم يقوم البنك المركزي برفع نسبة أسعار الفائدة فتقل السيولة بالسوق، وترفع تكلفة رأس المال، مما يخفض معدلات النمو، فتتراجع معدلات التضخم. وفي حالة الركود الاقتصادي يقوم البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة، فترتفع السيولة وتنخفضتكلفة رأس المال، فترتفع معدلات النمو الاقتصادي، أما الاحتياطي القانوني فهو خيار تتحاشاه المصارف؛ لأن إجراءته طويلة، وتدعاياته لا يمكن توقعها بدقة بعكس أسعار الفائدة، وقد يصعب احتواؤها . وهناك في الاحتياطي القانوني ما يسمى بالمكرر، وهو مصطلح يحتاج أن يؤخذ في الحسبان عند استخدام الاحتياطي القانوني، ولأهميته سوف نخصص له مقالا نشرح كيفيته وتدعايته المصرفية. وتقوم السياسات النقدية بالعمل لتحقيق المواءمات الاقتصادية التي تحفظ النمو الاقتصادي بالمعدلات المثلى لتشغيل الموارد المتوفرة بالشكل الأمثل، ودور المصرف هنا أن يخفض تكلفة رأس المال وأن يحافظ على موازين السيولة والنمو الاقتصادي. إذا السياسة النقدية تعني التحكم في حجم السيولة ومقدارِها، ولها أدوات، على رأسها التحكم في أسعار الفائدة، وهذه الأداة تعد معيارا مهما في تحديد رأس المال خلال الاستثمار، فكلما زاد الهامش من أسعار الفائدة فإن هذا يقلص من المشاريع التي يمكن إدخالها في قطاع الأعمال لعدم جدواها الاقتصادية، وهذه تحدث من خلال المهام المنوطة بالبنك المركزي الذي يراقب معدلات التضخم والبطالة وغيرها من المؤشرات التي تعد من صلب السياسية النقدية. إن أسعار الفائدة العالية تدفع إلى تراجع النمو الاقتصادي، وعندما تتراجع معدلات التضخم عن 2 % فإن ذلك يدق جرس الإنذار للمصارف؛ كي تبادر بتخفيض سعر الفائدة، وإن المصارف المركزية لا تزال تعاني من مخاوف انخفاض معدلات التصخم إلى ما دون 2 % مثل اليابان والصين وغيرهما من المصارف التي تمارس تسهيل السياسية النقدية.. لقد رفع المصرف المركزي الأمريكي سعر الفائدة سبع مرات بسبب ارتفاع معدلات البطالة إلى ما نحو 4 % ورأى المصرف أن نسب التشغيل باتت على مستوى مطمئن وبهذا لم تعد هناك حاجة للسيولة الفائضة، وخلال الأسابيع الماضية أعاد المصرف الأمريكي رؤيته وتراجع عن الاستمرار في رفع سعر الفائدة خلال عام 2019. إننا نذكر هذا لأن الاقتصاد المحلي منذ سبتمبر الماضي بدأ يعاني من معدلات تضخم سالبة؛ حيث بلغت 1.5 % بالسالب –حسب آخر تقرير-..وفي ظل بيئة مالية مستقرة وثقة كبيرة في السوق القطري الذي صار ملاذا آمنا للاستثمارات ولم تعد هناك مخاوف على الاقتصاد والمضاربة على العملة الوطنية، ومن ثم فإن الظرف الراهن يقتضي خفض أسعار الفائدة. خاصة بسبب التراجع في القطاعات التي تعتمد على الإنشاءات والعقارات.. [email protected]