11 سبتمبر 2025

تسجيل

أبراج المثقفين

07 أبريل 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); المثقفون يعيشون في أبراج كغيرهم، فهم من المجتمع وإنتاجهم يفترض أن يكون لغيرهم، غير أن إقامتهم في هذه الأبراج، ليست كغيرها من ناطحات السحاب التجارية، أو الأبراج السكنية، فهى أبراج تخصهم وحدهم، أو هكذا يجعلون أنفسهم، وإن كانت في الأساس ليست مُلكاً لهم. هذه الأبراج يصنعها مثقفون بأنفسهم ولأنفسهم، في تضاد واضح لحق الجمهور المكتسب، في ما يحمله المثقف من قيمة فكرية وتراكم معرفي، أو بمعنى أشمل كل ما يحمله من قيم ثقافية. ومع هذا الاستحقاق، فإن هناك مثقفين يضنون على جمهورهم بهذا التراكم، فيضعون بينهم وبين متلقيهم حواجز عدة، لا تتساقط معها كل ما يحمله المثقف من هموم معرفية وفكرية، الأمر الذي يجعله يعيش في معزل عن واقعه، فلا يلامس حياة الناس، أو يقترب من كل ما يمس غذاء روحهم، وهى المعرفة بشتى أنواعها.. قد يختلط في هذا السياق تعريف المثقف وتمييزه عن غيره، غير أن الأكيد أن المثقف حسب ما جاء في معاجم اللغة العربية وقواميسها على عدة معان، فإن التعريف الذي ينطبق عليه: "الحذق، وسرعة الفهم، والفطنة، والذكاء، وسرعة التعلم، وتسوية المعوجِّ من الأشياء، والظفر بالشيء". وعليه، فإنه وقت أن تتوافر في المثقف الصفات السابقة، فإنه يصبح مثقفا بالمعنى الشامل. ومع هذا يبخل في كثير من الأحيان عن متلقيه الكثر، بزاد يمكن أن يكون لهم معيناً، فينعزل عنهم، وعن واقعهم، ويعيش في برجه العاجي، الذي لا يرى أحداً في الكون سواه، ويزيده الغرور بأن يدعي حصرية العلم والمعرفة والثقافة.. والأخطر؛ أن يكون هناك مدعياً ما للثقافة، ويطلق على نفسه هذه الصفة، وهو لا يجمع من حطامها شيئا، بل وقد يأخذه الزهو بأن يسير واهما في ركب المثقفين، ويتعاظم خطره على نفسه، وعلى بيئته وواقعه، بأن يعيش في برج عاج أيضاً، فلا يستطيع أن يدرك من أمر الثقافة شيئا، وبالتالي يفشل في مد جسور المعرفة بينه وبين متلقيه، إن وجدت لديه معرفة بالأساس، كونه يتمسح في الثقافة، وهى منه براء، مهما كان عصفه الذهني، والذي لن يتفتق منه شيء.