14 سبتمبر 2025

تسجيل

مصائر الأيام

07 أبريل 2014

(1)بطل هذه القصة هو عصمت الشنواني، كان طالبا بإحدى المدارس الثانوية المشتركة بمنطقة الإسكندرية التعليمية، في أوائل الستينيات من القرن الماضي، كان عصمت الشنواني اجتماعيا ورياضيا كما كان مساعداً لقائد التربية العسكرية بالمدرسة برتبة رقيب، وكان طابور الصباح وانتظامه وتحية العلم من مهامه، فكان واثقا من نفسه وله شعبية بين الطلاب والطالبات، أما عن تحصيله العلمي فكان عاديا، لأن جل اهتمامه كان بالشؤون الإدراية والعسكرية بالمدرسة.(2)وفي صباح أحد الأيام وصل إلى المدرسة أخصائي اجتماعي هو سعد قناوي، وكان حديث التخرج فوقف في طابور الصباح، وتعرف على الرقيب طالب عصمت الشنواني الذي اصطحبه في جولة بالمدرسة ومكاتبها ومكتبتها وفصولها، وبعد الظهر، بعد انتهاء اليوم المدرسي طاف معه في الأماكن المحيطة بالمدرسة، وصار كل يوم يتقابل الشنواني مع الأخصائي في المقهى، ثم يتناولان العشاء في المطعم الشعبي على حساب الشنواني، وارتفعت الكلفة بين الطالب والأخصائي الاجتماعي.وأصبح الأخصائي والطالب لا يفترقان سواء في مكتب الأخصائي نهاراً أو المقهى ولعب الطاولة ليلا واستمر الحال ما يقرب من شهر على ذلك.(3)وفي صباح أحد الأيام، ووسط فناء المدرسة، وأمام التلاميذ فوجئ الجميع بالطالب عصمت الشنواني ممسكا برباط عنق الأخصائي الاجتماعي سعد، موجها له سيلا من الشتائم، وبسرعة تدخل الملازم أول قائد التربية العسكرية ومدرس التربية الرياضية لإيقاف هذه المهزلة، وبوصفي وكيل المدرسة وأقوم بعمل المدير الغائب في ذلك اليوم، اجتمعت فورا بالهيئة التدريسية وقررنا فصل الطالب الشنواني 15 يوما واستدعاء والده إلى المدرسة ومعه ابنه (عصمت) للاعتذار للأخصائي الذي تعرض للوم الشديد من جانب إدارة المدرسة على تصرفه غير اللائق كمسؤول تربوي.(4)حضر الشنواني وولده عصمت مهطعين في اليوم التالي إلى المدرسة وعلى استعداد تام للاعتذار، وكذلك كل ما نطلبه منهما، ولكن فوجئنا بما لم يكن في الحسبان، فبدلا من أن يعتذر الطالب ووالده للأخصائي المهان، وجدنا الأخصائي يبادر ويعتذر للطالب المخطئ ويقول:-عصمت معذور لأنه عنده مشكلة عاطفية، وقد صارحني بها.عند سماع عصمت هذا الكلام (لبس الدور) وارتمى على الأرض مغشيا عليه، ومنذ تلك اللحظة تسيب الطالب عصمت الشنواني، ولم يواظب على الدراسة، معتمدا على تشخيص الأخصائي، وبطبيعة الحال تعثر في دراسته، وعرض على طبيب نفساني، وبعد الكشف تبين أنه يعاني من حالة فصام. وعلى الرغم من كل ذلك واصل الدراسة.(5)نقلت إلى منطقة بورسعيد التعليمية موجها للغة الإنجليزية للتعليم الثانوي، وشغلتني الحياة والأولاد في بورسعيد، وبعد سبع سنوات في بورسعيد قبل ولدي "أسامة" – بعد حصوله على الثانوية العامة- بصيدلة الإسكندرية، فسافرت معه إلى الإسكندرية لتقديم أوراقه وعمل الترتيبات اللازمة له.وفي إدارة الجامعة بالإسكندرية، تقدم إلىّ شخص وجهه ليس غريبا على وسلم قائلا:-ألا تعرفني؟! - قلت: لا ولكن ذكرني-قال: أنا عصمت الشنواني.- قلت بامتعاض: نعم تذكرتك.. وماذا تعمل هنا في إدارة الجامعة يا عصمت؟وأسقط في يدي عندما سمعته يقول:- أعمل هنا أخصائيا اجتماعيا لحل مشاكل طلاب الجامعة!!