18 سبتمبر 2025
تسجيلمر الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس يوماً متستراً ليتعرف أخبار رعيته، فرأى عجوزاً فسلم عليها وقال لها: ما فعل عمر؟ قالت: لا جزاه الله عني خيراً! قال: ولم؟ قالت: لأنه والله ما نالني من عطائه منذ ولي أمر المؤمنين ديناراً ولا درهما، فقال لها: وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟ قالت: سبحان الله ! والله ما ظننت أن أحداً يلي عمل الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغـربها. بكى عمر من بعد تلك المحادثة مع العجوز ثم قال: وا عمراه! كل أحد أفقه منك، حتى العجائز يا عمر. ثم قال لها: يا أمة الله، بكم تبيعني ظلامتك من عمر؟ فإني أرحمه من النار، قالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله فقال لها: لست بهزّاء.. ولم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين ديناراً. بينما هو كذلك، إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين.. فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت: واسوأتاه.. لقد شتمت أمير المؤمنين في وجهه ! فقال لها عمر: لا بأس عليك رحمك الله، ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد، فقطع قطعة من ثوبه وكتب فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين ديناراً، فما تدعى عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر منه بريء". وشهد على ذلك علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما، ورفع عمر الكتاب إلى ولده وقال: إذا أنا مت فاجعله في كفني، ألقى به ربي. أي حاكم كان عمر؟ وأي قائد وزعيم ورئيس كان الفاروق؟ وحتى نعرف من هو عمر، يكـفينا أن نعرف عن هذا الإنسان حين ذكره رسول الله صلى الله عليه أمام الصحابة وهو يثني عليه بقوله: "لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب"، وظني أنه لو لم يكن غير هذا الحديث في وصف عمر، لكفى.. وهل هناك منزلة أرقى وأعلى لإنسان من أن يكون في مقام الأنبياء؟ فهذا عمر، ومن أراد أن يكون في مقام الأنبياء فليكن مثل عمر فقط ليس أكثر.