20 سبتمبر 2025
تسجيلأثر المضاعف قبل رفع أية توصية، أو اتخاذ أي قرار، أو تحبيذ سلوك فردي أو جماعي، يجب أن ندرك ونفهم أولاً، كيف يعمل الاقتصاد الكلي (أي الاقتصاد ككل)، وما هو أثر تغيير أحد المتغيرات، على المتغيرات الأخرى؟. كما هو معروف للجميع، فإن أي اقتصاد كان، يمر بدورة، تبدأ من الرواج، وارتفاع الدخل، وبالتالي الإنفاق الاستهلاكي، وصولاً للذروة، ويرتفع في هذه المرحلة أيضاً المستوى المعيشي والتكاليف ومستوى الأسعار، ثم يبدأ المنحى بالانحدار وصولاً للقاع. ويساهم السلوك الجماعي غير الرشيد، بمسارعة الوصول لقاع المنحنى، وفي هذه المرحلة تنخفض الأسعار والتكاليف، وتمهد لمرحلة جديدة من الرواج وازدهار الأعمال. وعندما تلوح في الأفق، بوادر انتهاء مرحلة الذروة، يبدأ الأفراد تحوطاً، بتخفيض الإنفاق وشد الأحزمة، ويتحول هذا السلوك الفردي، إلى سلوك جماعي، يرتد على الأفراد أنفسهم، في تراجع الدخل وفقدان فرص العمل. لكن كيف سيكون الحال، لو ظهر سلوك جماعي رشيد، بردة فعل معاكسة، أي زيادة الإنفاق، هذا بالإضافة طبعاً لزيادة الانفاق العام أولاً، ومن الشركات أيضاً؟ لذلك نعرض باختصار شديد، أحد أهم آليات عمل الاقتصاد، وهي «مضاعف الإنفاق»، وأثره على الدخل الكلي. حيث تؤدي، أي زيادة في الإنفاق إلى زيادة مضاعفة في الدخل. مثال توضيحي مبسط وفقاً للفرضيات التالية: 1- الاقتصاد مكون من 3 وحدات عمل. هي الدولة، والشركات، والأفراد. 2- الميل العام للاستهلاك (إلإنفاق) 90 % من الإيرادات أو الدخل، وهو يمثل الطلب الكلي على السلع والخدمات. 3- الميل العام للادخار 10 %. 4- إجمالي الإنفاق 1000 ريال قطري (للتبسيط). 5- جميع المتغيرات الأخرى ثابتة. من المتفق عليه، إن كل إنفاق، يقوم به شخص ما، هو دخل لشخص آخر، فكل شراء سلعة أو طلب خدمة، هو دخل لمورد السلعة أو مزود الخدمة. وتستمر هذه الدورة، بشكل تنازلي نتيجة للادخار، إلى أن يتلاشى أثر ذلك الإنفاق. لاحتساب «مضاعف الإنفاق»، وأثره على الدخل الكلي، أي الزيادة المضاعفة في الدخل، للتبسيط نعرض ما يلي: الدفعة الأولى 1000 ريال، ينفق منها 900 دفعة ثانية أي 90 %، ثم ينفق منها 810 أي 90 %، ثم ينفق منها 729، 656، 590، 531،........... وهكذا دواليك، إلى أن يتلاشى الأثر. وفي هذا المثال، يتضاعف الدخل الناجم عن إنفاق 1000 ريال، ليصل إلى مستوى 10،000 ريال، أي عشرة أضعاف. بناءً عليه، فإن أي قرار أو سلوك، تنتج عنه زيادة في الإنفاق، سواءً الإنفاق العام أو الخاص، بمقدار 100 مليون ريال مثلاً، سينتج عنه دخل مضاعف، بمقدار 1000 مليون ريال. وبالمقابل، فإن أي قرار أو سلوك، ينتج عنه تراجع في الإنفاق، بمقدار 100 مليون ريال، سينتج عنه تراجع دخل مضاعف، بمقدار 1000 مليون ريال، بافتراض العوامل الأخرى ثابتة. الآن نستطيع رفع التوصية، عندما تلوح في الأفق، بوادر انتهاء مرحلة الذروة، على الجميع أن يفكر ويعمل على تحفيز الأداء الاقتصادي ليبقى قريباً من الذروة أو تخفيف سرعة الانحدار، لاستكمال الدورة الاقتصادية، وذلك باعتماد برامج تحفيز للمحافظة على مستوى الأداء الاقتصادي، وتشجيع الأفراد على اتباع سلوك جماعي رشيد. تفاءلوا بالخير تجدوه.