10 سبتمبر 2025
تسجيل"خلف آل خلف" وهو يقتحم عالمه كأنما يهرب من طرح القضايا الاجتماعية أو طرح قصص الحب أو اللجوء إلى سرد تاريخ مرّ سراعا على المنطقة.. من هنا فإن هذه الرواية وإن طرحت الغموض والألغاز فإنها تقتحم المجال المحلي.. عبر طح الإثارة والتشويق والرعب حسب رؤية المخيلة المحلية في عالم حاول أن يقتحم مجالاً بعيدًا عن الواقع في إطار الرواية المحلية.. قد تحمل بعض الأعمال شذرات من هذا الإطار، ولكن في اعتقادي أن هذا العمل له سبق الريادة، وقد تخلق هذه الرواية مجالاً لاقتحام مجالات أخرى مرتبطة بالفن مثل الدراما التلفزيونية أو يفكر أحدهم في اقتحام المجال الأخلد وأعني السينما عبر مخرج قطري يقود الحلم إلى مجال الحقيقة.. ذلك أن هناك من يعشق هذا الإطار. ولا يمكن أن نتحدث عن الأعمال الأدبية التي تحولت إلى سلسلة من أميز الأعمال مثل سلسلة "هاري بوتر للكاتبة جي كي رونلج" ثم اقتحامها كمؤلفة في تقديم أعمال أخرى مثل "الوحش الرائع". إن ما طرحه الكاتب يعتبر بكل المقاييس الخطوة الأولى في هذا المسار الروائي.. حتى وإن حوت بعض الهنات.. مفاده أن المحاولات الأولى محفوفة بالكثير من الهنات، ولكن ما يغفر للكاتب أنه لم يتردد، وكان يملك الجرأة لتقديم ذاته، خاصةً وأن هذا المجال قد لفت أنظار العديد من مؤلفي هذا الإطار من الروايات.. بعضهم قد حصد بعضًا من الشهرة مثل "حسن الجندي، وأحمد مراد صاحب "الفيل الأزرق" الذي تحول إلى فيلم سينمائي أو نصه الآخر "ابتسم فأنت ميت". إذًا هذا الفن الروائي كما نرى يخطو نحو تقديم شكل روائي جديد.. هذا لا يعني أن الإرهاصات لم تكن، وأن السينما كانت بمعزلٍ عن هذا الإطار، ولكن المتلقي العربي قد ارتبط بشكل آخر.. وأعني الحب والتاريخ والقضايا الاجتماعية وغيرها من المضامين الحياتية الواقعية أو المتخيلة. إن رواية "مخطوطة ابن إسحاق" للكاتب حسن الجندي لفتت الأنظار إلى انطلاق فن آخر من أشكال الرواية، وأعتقد أن كل هذه التجارب لفتت نظر كاتبنا الشاب إلى اقتحام المجال وبعد أن خاض غمار بعض التجارب السابقة عبر مجموعة قصصية قصيرة تحمل عنوان "الديك الذي أعلن العصيان" ورواية "اليوم المفقود 2018" بجانب الكتابة للسينما عبر مسلسل يوميات رجل منحوس.. من هنا فإن "أرواح غاضبة" وعبر (258) صفحة من القطع المتوسط يستحضر شخوصه المرئية وغير المرئية.. نماذج من الجن والمردة والشياطين والسحرة.. ويغلف الواقع بالغموض وتعدد الأماكن، كما أن الاتهام في هذه الرواية عبر فنون السرد يغلف الجميع.. والموت ينتظر الجميع، والقارئ يشم رائحة الموت والفناء لكل شخوص العمل، كما أن المؤلف لا يترك القارئ إلا مأسورًا بالحيرة من خلال أن رائحة الغدر والخيانة والثأر جزء من نسيج العمل. إن رائحة "أرواح غاضبة" تعبق الرواية منذ الصفحات الأولى.. ورائحة الموت كذلك. نصٌ.. لا يمكن أن يمسك القارئ بتلابيب الطرح وإن كان القارئ متعلقًا بالنص عبر كل العناوين في كل الفصول والمشاهد، ومع تجسيد الإطار الحواري بين الشخوص وبخاصة "شاهين وعزيز"، أو شاهين والدجال، وغيرهم من الشخوص عبر تعدد الأحداث ومن ثم الانتقال المكاني والزماني.. كل هذا يجعل القارئ مشدودًا لمتابعة الأحداث والإمساك بتلابيب الأحداث عبر الاقتحام في فنون السرد. يقول الكاتب: إن الارتجال والانتماء في أحضان الشر لا يثمر سوى الشر.. وأن القوى الغيبية حتى وأن سيطرت على الكائن الأضعف فإن هناك قوى تحطم الشر، وإن كانت نهاية شاهين الهزيمة وبقاؤه في مستشفى المجانين. وهذا ما يجعل القارئ يطرح تساؤله للمرة الألف.. لماذا غاب عزيز؟! ولماذا النهاية في مستشفى المجانين؟! هل هذا هو الحل الأمثل..؟ وأن على الفرد الانهزام أو دخول المستشفى كفرد حاول وفشل.. إن بعض النهايات تخلق عالمًا هامًا في إطار السرد وبعضها تخلق عالمًا هشًا مثل (الحلم).. إنها نهايات ميكانيكية أو كما في الأعمال المسرحية الإغريقية "الإله من الآله"، وهذه حلول مع الأسف تضعف من قيمة السرد، ويتكرر التساؤل.. لماذا دخل "الدجال" وأين ذهب "ظام"؟ ومن أين أتى المؤلف بأسماء السحرة والشياطين؟ تتعدد الأسئلة.. ولكن النص لا يجيب عليها مع الأسف. أعتقد جازمًا أن هذه الخطوة للكاتب مع بعض الهنات سواء في إطار التعبير لا يشكل عقبة والأدهى والأمرّ وجود مصحح لغوي..!! هذا النص بلا شك سوف يفتح بابًا آخر لعدد آخر من الروائيين أن يخرجوا من إطار طرح الواقع إلى عوالم أرحب، وأن يقتحموا مجالات عدة بدلاً من التقوقع في طرح المضامين الاجتماعية أو عذابات أصحاب القلوب الضعيفة. وأخيرًا: أتمنى أن يشمر نقاد الرواية في تناول هذا العمل، فأمثال "خلف آل خلف" في مسيس الحاجة إلى نقاد موضوعيين منصفين حتى وإن كان بعيدًا عن إطار الشللية التي تغلف جزءًا من واقعنا الأدبي... "خلف آل خلف": واصل المسير.. لا تتوقف.. الطريق محفوف بالمخاطر ولكن جرأة أمثالك وقدرتهم على التحدي سيمهد الطريق لجيل ثالث.. يواصل العطاء.. شكرًا لأنك خلقت عوالم أخرى أكثر غوصًا .. وبُعدًا عن الركب.. ونحن في الانتظار.. [email protected]