19 سبتمبر 2025

تسجيل

نداء أوجالان بين المبالغة والواقع

07 مارس 2015

تقترب الانتخابات النيابية في تركيا من موعدها في السابع من يونيو المقبل. وهي انتخابات مصيرية على ما توصف به منذ الآن في تركيا، وهي الانتخابات النيابية الرابعة التي يخوضوها حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ أن انتصر في أولاها عام 2002 والتي أوصلته إلى السلطة. وكان الحزب مع كل انتخابات يزيد من أصواته التي بلغت في العام 2011 حوالي خمسين في المائة، غير أن الانتخابات المرتقبة تحمل أكثر من أهمية على أكثر من صعيد. أولها أنها تجري من دون رجب طيب أردوغان الذي أصبح رئيسا للجمهورية منذ الصيف الماضي.وثانيها أنها تجري للمرة الأولى في ظل رئاسة أحمد داود أوغلو للحزب والحكومة.وعلى هذا ينتظر الجميع النتائج لمعرفة ما إذا كان غياب أردوغان ومجيء داود أوغلو سيؤثر سلبا أم لا على شعبية الحزب، وما إذا كان الحزب سيهيمن على الحياة السياسية بمفرده أو بشكل مطلق على مدى الأربع السنوات المقبلة التي لن تشهد أي انتخابات أخرى نيابية أو بلدية أو رئاسية تسبر مزاج الرأي العام.على وقع الانتخابات النيابية المقبلة تدور عجلة الأحداث داخل تركيا، استقالة حاقان فيدان رئيس الاستخبارات لكي يترشح إلى الانتخابات وربما تولي حقيبة وزارية مهمة مثل الخارجية أو الداخلية تدخل في نطاق هذه الأحداث المهمة، وهناك سيناريوهان في هذا الصدد، الأول هو أن أردوغان، رغم أنه أعلن معارضته لاستقالة فيدان، هو الذي يريد فيدان ضمنا ليتولى موقعا مهما في النظام السياسي مثل رئاسة الحكومة على اعتبار أنه أكثر ولاء له من داود أوغلو. والثاني أن داود أوغلو يريد التخلص من عباءة أردوغان عبر الاستناد إلى قوة دعم سياسية إضافية متمثلة بفيدان لكي يمكن موازنة قوة أردوغان الكبيرة.على أن الحدث الذي يسير أكثر من غيره على وقع الانتخابات التركية هو ما أعلن من احتمال دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجالان من سجنه في ايمرالي حزبه إلى مؤتمر استثنائي يقر فيه إلقاء السلاح والتخلي نهائيا عن العنف.وقد أعلن نواب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الممثل في البرلمان والمؤيد لأوجالان بيانا من عشرة بنود تشمل عناوين عامة للمطالب الكردية والتي يأمل الأكراد أن يحصلوا عليها.لكن البيان المشترك الذي تلاه نائب رئيس الحكومة التركية ووفد حزب الشعوب الديمقراطية والذي يدعو إلى حل سلمي للمشكلة الكردية شكل سابقة في مسار المفاوضات غير المباشرة بين حزب العمال والدولة التركية، وهو ما زاد نسبة التفاؤل في إمكانية التوصل إلى حل.لكن هذا يبدو ظاهرا، إذ إن المفاوضات المستمرة منذ سنتين لم تصل بعد إلى أي نتيجة ملموسة، ومقابل المطالب الواضحة للأكراد فإن الحكومة لم تعلن يوما عن أي موقف محدد من هذه المطالب، لذا كان الأكراد يخرجون بمواقف متباينة، تارة يدعون إلى استمرار العملية السلمية وتارة يهددون بحرب شاملة ضد الدولة.بيان أوجالان هذه المرة قوبل بترحيب حار من الحكومة والمسؤولين ومن أردوغان نفسه الذي رأى أيضا أن المهم تطبيق نزع سلاح حزب العمال الكردستاني.رغم المناخ التفاؤلي الذي خلقته التطورات الأخيرة غير أن أسئلة وتساؤلات كثيرة تطرح نفسها وفي رأسها عما إذا كان الحزب سيلقي السلاح أولا ومن ثم تقابل الحكومة ذلك بخطوات معينة، أم أنه سيربط إلقاء السلاح بشروط على الحكومة تنفيذها قبل إلقاء السلاح أو بالتزامن مع إلقائه. وبما أن المسافة المتبقية حتى الانتخابات النيابية قليلة جدا بل غير كافية لكي تنجز الحكومة أو البرلمان شيئا مهما، فإن التساؤلات كثيرة وجدية حول الأهمية الكبيرة التي أعطيت لبيان أوجالان في ظل عدم توافر الظروف لحل مشكلة في غاية التعقيد داخليا وخارجيا.