22 سبتمبر 2025
تسجيلضرورة خلق مؤسسة مهمتها مسح المشهد الصناعي وتقويته واقع الصناعة اليوم في الاقتصاد المحلي. ينقسم إلى قسمين الثقيلة وقد حققت نجاحات فاقت التوقعات وكسبت سمعة عالمية وإقليمية أعطتها أفضلية في السوق. وتمكنت من حيازة حصة سوقية تمكنها من إقامة المشاريع بجراه. وهذا مكنها أيضاً من الاستفادة من وفورات الحجم الكبير. مما وفر لها ميزة تنافسية في تقديم أسعار منافسة لزبائنها. فاستطاعت زيادة مبيعاتها والتحصل على فوائض مالية رفدت أرباحها واستطاعت تعظيم المردود على رأس المال. وهذا تأتى من خلال الدعم اللامحدود من الدولة. والجهد المبذول من قبل المسؤولين في هذا القطاع وأجهزة الدولة والجهات ذات العلاقة. أما الصناعات الخفيفة فلم تحظ بنفس القدر من العناية أو الاهتمام وهذا مفهوم حسب المرحلة وأهدافها وضرورات العمل وأهداف المرحلة. وغياب الرعاية المطلوبة للنهوض بهذا القطاع في تلك المرحلة خلف ما نراه اليوم من ضعف وتشرذم للصناعات الخفيفة والتحويلية. وهناك أسباب أخرى ذكرتها في أحاديث سابقة. من ضعف في التشابك الصناعي إلى ضمور البنى المؤسسية الرسمية أو الخاصة. والمنوط بها دفع عجلة التصنيع في الاقتصاد المحلي. ويضاف لهذا عدم توفر ثقافة تصنيع سابقة لرغبة الدفع من أجل خلق قطاع صناعي. فالثقافة السابقة هي صيد اللؤلؤ والأسماك والرعي وما شابه. فلا الثقافة المحلية كانت قادرة على حضانة الصناعة ولا الظرف الاقتصادية مؤهلة لبناء قطاع صناعي. ولا حجم السوق يحفز نشوء قطاع صناعي خفيف. ولكن كل ذلك قد اختلف. والمحفزات وتطلعات المسؤولين والمواطنين أصبحت ملحه. والحاجة لتنويع الأعمال والمداخيل والاقتصاد غدت حرجة وضرورية في ظل التطورات في الاقتصاد العالمي ودرجة ارتباط الاقتصاد المحلي به واعتماد رفاهية المواطن على مدى كفاءة قطاعات الاقتصاد وخاصة الاقتصاد الوطني. في حديث سابق تناولت الواقع الصناعي من زاوية أهمية التشابك الصناعي. وأثره على الصناعات الناشئة والقائمة حد سواء. وعرضت مدى الحاجة للعمل بوعي لتمتين التشابك الصناعي . حتى يتمكن القطاع الصناعي من القيام بدوره وحشد طاقاته وإمكاناته من أجل خلق قطاع صناعي مستقل وواعد. له دوره وله مساهمته في إجمالي الدخل القومي المحلي وعامل تنويع لمداخيل الدولة. وتحقيق لرؤية الدولة في بناء اقتصاد معرفي. وبعد ذلك تطرقت لأهمية البنى المؤسسية ودورها في رعاية القطاع الصناعي. وأهمية تكوين رؤية تواكب التطورات في الاقتصاد المحلي والعالمي ولتكون مرجعية لأي تصور أو إطار شامل ومحدد وموجه للجهود الرامية لتحسين ظروف قطاع الصناعات الخفيفة. وتسهيل رسم السياسات والإجراءات ووضع الأهداف المراد الوصول لها. والتطورات الأخيرة في تحقيق أهداف الصناعات الثقيلة سيكون دافعا لشق طريق الصناعات الخفيفة والناشئة، ونجاحها عالميا وقيامها بدورها ومن خلق بيئة صالحه للصناعات ثقيلة أدت إلى رفد التدفقات النقدية للدولة مرورا بتنويع تلك التدفقات النقدية. إذا نحن بصدد صناعات حققت جزءا لا بأس به من أهدافها وإن ظل هدف تنميتها قائما. وهي على قدر من الاستقلالية والمتانة والسمعة ما يمكنها من النمو دون تدخل الدولة. ولكن مازالت الصناعات الخفيفة والتحويلية. في حاجة ماسة لتدخل الدولة ودعمها من حيث الرؤية والتوجهات والتمويل والآليات والإجراءات وقنوات التصدير وأبعد من ذلك لحد إيجاد تحقيق الوحدة الاقتصادية الخليجية والعربية. لحل معضلة ضيق السوق. نعم الطريق طويل بالنسبة للصناعات الناشئة والتحويلية. فإنها تحتاج للأسواق والبحوث والتطوير والابتكارات والاختراعات والتمويل والتعليم والتدريب . فهي متفرعة متنوعة مستمرة التطوير والتحديث وتعتمد أذواق الجمهور وتتنافس مع كيانات متعددة وشديدة التنافس. ولكن تملك الدولة اليوم الوقت والإمكانات والنجاحات التي تدعم أي جهد لإقامة صناعات خفيفة. تحدثنا كثيرا عن الأمور الظاهرة. ولكن هناك أمورا كثيرة تحتاجها الصناعة لتقوم بدورها كما تتطلبه الأمة. وهذه آليات تمويل ودعم ومساندة . وهي شبكة أمان لأصحاب المبادرات وأصحاب الابتكارات والمشاريع. وهذه تمتد من رؤوس الأموال المجازفة إلى رأس المال الخاص ورأس المال الداعم وإلى الصناديق والمحافظ وبنوك التنمية والمنح من الجهات الداعمة للأبحاث والتطوير والابتكارات. ورجال الأعمال للذين يأخذون بأيدي المبتدئين والحاضنات الصناعية والمؤسسات المهنية لدعم هذه المشاريع من الناحية الإدارية والتصنيعية أي أن هؤلاء يقدمون النصح الإداري والدراسات واختيار الإجراءات المناسبة من تحديد نوعية الحسابات إلى السياسات واختيار أفضل الأساليب الإدارية وإعداد الشركة لإمكانية التوسع والنمو بسرعة في حال زاد الطلب وتسارع . من توفير عمليات التصنيع إلى توفير الكوادر المؤهلة والقادرة على قيادة الشركة في مراحل نموها السريعة. والأخذ بيدها حتى إيصالها لسوق البورصة والاكتتاب ودخولها بورصة الشركات الناشئة في سوق الدوحة. أحد هذه الكيانات المهمة هو إيجاد مؤسسه شبيهة بمنظمة الخليج الصناعية. مهمتها مسح المشهد الصناعي وتحديد الصناعات المحورية والتي يتم التركيز عليها وإنشاؤها وإقامتها لتكون مرتكزا لدعم التشابك الصناعي وتقويته. ووجود جهة مطلعة وتستوعب الوضع بشكل مجمل يمكنها من رسم خطة وتكوين رؤية ووضع تصور لما تحتاجه الصناعة وكيفية التوصل له من خلال خارطة طريق تساهم فيها كل الجهات المعنية. من رجال أعمال وغرفة تجارة ووزارة معنية ومراكز أبحاث ومؤسسات مهنية داعمة ومراكز تدريب حتى تؤخذ وجهات نظرهم وتصوراتهم وإمكاناته في وضع الإطار العام لأي تحرك أو خطة وخارطة طريق. ولكن دون وجود البنى التحتية والبنى الفوقية والمؤسسات الداعمة والمؤسسات المختصة وجهات التمويل المصرفية والفردية ومن خلال مختلف القنوات ستظل الصناعات الخفيفة معضلة الاقتصاد. وذلك حتى نعي مدى صعوبة وتعقيد البنية التحتية الداعمة لنشأة الصناعات الصغيرة والناشئة والتحويلية، قد يقول البعض إن هذه المنظومة عادة ما تنشأ بشكل طبيعي في معظم اقتصاديات العالم وهذا صحيح ولكن في الماضي هذه الاقتصاديات لم تتوفر لها الخبرة التاريخية والتي أصبحت متوفرة لكل من له يد في النشاط الاقتصادي. وفي حالة الركون لترك العملية لتنشأ طبيعية فإن الفترة الزمنية قد تطول لدرجة كونها عائقا في حد ذاتها للتطور السريع المنشود.