17 سبتمبر 2025

تسجيل

أنت خطر على أمن الدولة!

07 مارس 2011

في قاهرة المعز كنت أو في الإسكندرية، تمشي في أحد الشوارع، يشتد تطاير الأوراق بفعل هواء الشتاء وزوابعه، تطير ورقة ناحيتك، تستقر أمام بوز حذائك، تقع عيناك على صورة بأعلى الورقة، تسمرك الصورة لأنها تشبهك كثيرا، تنحني، ترفع الورقة من الأرض، تزيح الأوساخ العالقة بها وتمعن النظر، تذهلك المفاجأة، الصورة صورتك، صورتك أنت، لا مجال للشك، تتذكر المثل الشهير (يخلق من الشبه أربعين) ربما يكون صاحب الصورة شبيهك، لكن البيانات للاسم الرباعي، والعنوان، والعلامات الفارقة، واسم الأب، والأم، والديانة، وفصيلة الدم، والرقم القومي كلها لك، تعيد قراءة البيانات التي لا تدع مجالا للشك، وتعود لتجري عيناك على السطور اللاحقة لتجد أن بها تفصيلا دقيقا لكل ما يتعلق بك أسريا، وعمليا، وحتى اسم المقهى الذي تجلس عليه، بذهول تتفحص الكلام المكتوب أعلى الورقة المطموس بفعل المطر والطين، تفلح بعد التدقيق في قراءة عبارة (أمن الدولة) تتسع حدقتاك وانت تقلب الورقة لتقرأ بقية تفاصيل تفاصيل حياتك، أدق التفاصيل وبسهولة تعرف من حواف الورقة المحترقة أنها ورقة من أوراق التحري عنك طارت من ملفك بفعل الهواء لتصلك أنت بالذات (سيد علي أبو علي) الذي تهمته التي دعت إلى تحري (أمن الدولة) عنه كما جاء في التقرير أنه يصلي بانتظام، ويقرأ في فقه السنة، يعني باختصار حضرتك خطر، خطر جدا على النظام، والأمن العام، ووجبت مراقبتك، واعتقالك إذا جد الجد ولوحظ أنك تصلي التراويح، أو تحضر دروس المساجد وتشارك في أعمالها الخيرية، أو تصطحب أولادك للصلاة معك بالمسجد، ساعتها ضروري (ولزما يخدوك) آه ممكن تعمل من ولادك جيشا يحارب النظام بعد ما يعرفون الحلال والحرام!! ما تقدم صورة قد تكون خيالية لورقة تطير لتستقر أمام بوز حذائك لتعرف أن أمن الدولة يتحرى عنك، لكن الحقيقة فيما تقدم أن المارة وجدوا كومة عظيمة من الملفات المحروقة والأوراق المفرومة، كلها تحريات وأوراق (أمن دولة) حرقت كلها بفعل فاعل يريد التخلص منها لأمر هو يعرفه، وقد شاهدنا جميعا المواطن الذي يمسك أمام الكاميرا بملف نجا ولم تأكله النيران خاص بالمواطن (سيد علي أبو علي) الذي يراقب لأنه يواظب على الصلاة بالمسجد، ويقرأ في فقه السنة!! ويعلم الله كم مرة استدعوه للتنكيل به وربما اعتقاله، الغريب تكرار حرق الملفات في أكثر من مكان مما يشي بأن وراء الأكمة ما وراءها، وأن الحرق له هدف واحد هو طمس ما كان يجري بكل ظلمه، وتعديه، بل ورعبه، ولعلنا كل يوم نكتشف سطوة الجهاز الأمني ويده الفولاذية التي روعت العباد والبركة في المستأجرين البائعين ضمائرهم الذين يكتبون تقارير يرفعونها لأمن الدولة في زملائهم بالمؤسسات المختلفة، حتى بين طلبة الجامعة هناك من يكتب تقارير في زملائه، وكم من ملفات وملفات فتحتها تقارير حقيرة لنفوس مريضة تظن أنها تحمي النظام ولم يعد إلا أن يراقبوا أحلام الناس!! أسئلة كثيرة تمر بالخاطر الذي أتعبه تلاحق الأحداث، وتغول الفساد المالي والإداري، واستشراء الحرائق المريبة التي تشعل غابة أسئلة، هل يحتاج الحاكم إلى جهاز أمن الدولة لحماية الدولة أم لإرهاب الناس بجهاز يجيد فنون التعذيب ربما إلى حد الموت؟ مم يخاف الحاكم لكي يتأسس جهاز أمن دولة بكل هذه السطوة، وكل هذه الصلاحيات؟ وهل يختص الجهاز بأمن الدولة حقا ومصالحه العليا أم يختص بأمن رأس الدولة لدرجة تجعل أمن الدولة يغلق كل الشوارع، وكل الميادين، ويعطل الناس بالإشارات ساعات، ويزرع على طول الشوارع المحاذية لسكن السيد الرئيس بين كل مخبر سري مخبرا لأن حضرته حيمر، مم يخاف رأس الدولة؟ ومم يحتمي؟ أليس أولئك الناس هم الذين اختاروه كادعائه في انتخابات نزيهة لينجح بنسبة 99.9% مما يتحوط إذن والشعب حبيبه، كل الشعب؟ ثم ما دخل أمن الدولة إذا افترضنا ان لكل دولة جهاز أمن يحمي المصالح العليا للبلاد من أي خطر داهم.. ما دخل أمن الدولة هذا بأعمال الجهاز الشائنة من التنصت على المسؤولين والتجسس عليهم، وهتك أسرارهم بتسجيلها والضغط بها وقت الحاجة؟ ما دخل إرهاب جهاز أمن الدولة لبعض المواطنين الشرفاء باعتقالهم، ورميهم في السجون دون حتى تهمة ولا جناية لأن ذلك يرضي فلانا، أو تنفيذا لوشاية فلتان من المتنفذين؟ هل يرعب هذا الجهاز الشعب بشتى صنوف القهر ليثبت وفاءه وانتماءه للسيد الرئيس وأنه (شغال الله ينور)؟ وهل يبث أمن الدولة الرعب والفزع في قلوب الناس لضمان الولاء تحت ضغط الخوف من التنكيل؟ اعتقد أن جهاز أمن الدولة الذي تتوالى حرائقه لما كتبت يداه قد وصله أخيرا ان شعب قاهرة المعز قد شنق الخوف وما عاد يأبه بموت أو اعتقال، وانه إذا أراد فعل، حتى لو كانت إرادته فصل رأس الدولة عن الكرسي الهزاز، وسبحانه الدايم بين يوم وليلة "يهد جبابرة، ويزلزل عروش ويخلي اللي كان غرقان في الابهة ما يساوي تلاتة قروش!!". * طبقات فوق الهمس فينك يا صبح الكرامة لما البشر هانوا واهل مصر الاصيلة اتخانوا واتهانوا بنشتري العزة تاني والتمن غالي فتح الوطن للجميع قلبه واحضانه الثورة غيض الأمل وغنوة الثوار الليل إذا خانه لونه ينقلب لنهار "الشاعر المبدع عبدالرحمن الأبنودي"