05 أكتوبر 2025
تسجيلالنظم الناجحة تحوي في جوهرها آليات ذاتية العمل، يغذيها نظام حوافز لضمان استمرار بقائها و تطورها ذاتياً، لذلك فعند بناء أو تشييد أي نظام، لابد من تصميمه بشكل ينشئ آلية ذاتية تعتمد نظام حوافز يغذي استقلالية ذلك النظام، وبالنظر في الكيانات المختلفة والمفاهيم التي استطاعت أن تعبر الزمان والأزمات، نجد أنها تملك تلك الصفة الأساسية لاستمرار أي فكر أو كيان، فبالنظر في النظام الرأسمالي نجد أن الآليات الذاتية جزء من طبيعته، لذلك استطاع التغلب على النظام الشيوعي الفاقد لآلية ذاتية العمل ونظام حوافز. فالنظام الرأسمالي يملك آلية ونظام حوافز نظام تبادل المنافع، فالآلية هي التبادل ونظام الحوافز هو المنافع، تكتمل دورة النظام بشكل يعطيه استقلالية و نظام عمل ذاتياً قادراً على تجاوز الزمن والأزمات، والنظام الرأسمالي اعتمد الرغبات الذاتية لدى البشر ليسمح لها بالتعبير عن مكنونها في شكل نظام سوق يتم فيه تبادل المنافع من خلال نظام الربحية كنتيجة للجهد الانساني، فاعتمد اقتصاد السوق، شاهدنا هذا يتحقق في انهيار جدار برلين لتعاود الشعوب إحياء الفكر الشيوعي بشكل أو بآخر، حيث قامت بعض الدول التي كانت تؤمن بالفكر الشيوعي تقبل بمواءمة مع الفكر الرأسمالي كما الحال في الصين وبشكل آخر في روسيا، نواة النظام الرأسمالي تقوم على إدراك النظام طبيعة البشر، خاصة في السعي لتحسين الذات فأخذت ما رأته طبيعياً في التاريخ الإنساني من تبادل منافع وتضافر جهود والعمل على تحسين الذات كمصدر طاقة يغذي النظام الاقتصادي، وعينت اقتصاد السوق مفهوماً أساسياً تدور حوله دورات الاقتصاد، فالآلية هي تبادل المنافع والمردود على الفرد هو نظام الحوافز في إطار ينظم العلاقات ويوظف مواطن القوة ويعالج مواطن الضعف. فحرية تبادل المنافع مضمونة، في حال لم تمارس الرشوة والفساد، لأن كليهما يضعف منظومة اقتصاد السوق. فالمفهوم يقوم على ترك السوق لانتخاب العمليات دون تدخل من قبل القائمين على النظام، أي أن الدولة حكم فهي غير مؤهلة للتدخل في المبادلات، وإلى حرف النظام عن مساره، كذلك الاحتكار هو تدخل آخر يخل بالشرط الأساس وهو نظام ذاتي العمل يتغذى على المردود الطبيعي من قبل الأفراد والمؤسسات، كما هي مباراة كرة القدم؛ الفرق تلعب في المضمار، والحكم والجهات الأخرى تراقب مسار اللعبة، الآلية الذاتية هنا هي المنافسة التي ترتكز على شعور طبيعي هو للهو والمتعة والانتصار وإثبات الذات. في المجتمع الإنساني تتطور الحوافز ليدخل المردود المادي والنفسي لتصبح دوافع أخرى تحث اللاعبين على تقديم أعلى مهارات لديهم، فالجمهور والفريق كله يتطلع لأداء متميز ونظام الحوافز يدعم تلك العملية بشكل تلقائي، مما يضمن استمرارية اللعبة والجمهور والإعلام والأندية، مثلاً كرة القدم استطاعت أن تنشئ منظومة من النظم تلقائية العمل معززة بنظم حوافز مبنية على طبيعة الإنسان من حب الانتساب لمجموعة أو فريق قادر على تحقيق النجاحات، كذلك يقوم مجتمع الأعمال ببناء نماذج أعمال، تلك النماذج تحتاج آليات ذاتية ونظم حوافز لكي تنجح الشركة وتستمر ولا تحتاج للمراقبة والمتابعة باستمرار، وبالشعور أن أي غياب للرعاية سيؤدي لانهيار نموذج الأعمال، فعندما تكون مصلحة العاملين في الشركة مرتبطة ببقاء الشركة سيعمل الجميع على تأمين الشركة بكل الجهود، فشركات التقنية الحديثة تقوم على منح العاملين في الشركة أسهماً كمكافأة لهم لجهودهم، ولذلك ترتبط مصلحة العاملين ببقاء الشركة.