04 نوفمبر 2025

تسجيل

سنّة لبنان يبحثون عن قطعة جبنتهم

07 فبراير 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شهدت الساحة المسيحية في لبنان خلال الأيام الماضية حالاً من الاستنفار والتوتر. فأطلق المسؤولون والشخصيات والهيئات المسيحية سيل من التصريحات والمواقف والاستنكارات توحي بأن أمراً جللاً قد حصل، وأن الكيان اللبناني بات مهدداً ما لم يتم تدارك المصيبة. أحدهم صرخ أمام وسائل الإعلام "لن نرضى باستباحة حقوق المسيحيين"، وآخر اعتبر أنه لا يمكن استمرار الصمت إزاء الإجحاف الذي يعاني منه المسيحيون، وحذر آخر من أن عدم حصول المسيحيين على حقوقهم سيدمر لبنان. حال الاستنفار هذه تلقفتها وسائل الإعلام المقربة من المسيحيين، فأعدّت التقارير الإخبارية، واستضافت المستائين على شاشاتها لشرح ما ألمّ بالطائفة من ظلم وضيم، والخلل الذي أصاب التوازن الطائفي، ليتبين أن كل هذه العاصفة تسبب بها قرار إداري صدر عن وزير المال بتعيين أحد الموظفين من الطائفة الشيعية مكان موظفة من الطائفة المارونية في منصب رئيسة دائرة كبار المكلفين في بيروت بوزارة المالية.رب سائل: هل يستحق منصب من الدرجة الثانية كل هذه الضجة والاستنكار والتنديد والتهديد والوعيد؟ الجواب: نعم يستحق، ففي دولة المزرعة التي يعيش فيها اللبنانيون يجب على كل طائفة أن تحافظ على قطعة الجبنة الخاصة بها، وعدم السماح لأي طرف أو طائفة أخرى أن تحصل حتى على "هرهورة" من بقايا جبنتها. لذلك تجد كل زعيم طائفة يتمسك بالمواقع والمراكز التي نالها بالتوزيع الذي أرساه اتفاق الطائف، ويرفض التنازل عن أي موقع حتى ولو كان "فرّاشاً" أو حارساً ليلياً.السؤال هنا، هل يشعر جميع اللبنانيين بالرعاية والاحتضان من زعمائهم وممثليهم والمتحدثين باسمهم؟ على الضفة المسيحية، رغم شغور الموقع المسيحي الأول في الدولة (رئاسة الجمهورية)، والتشرذم الظاهر في التوجهات السياسية للمسيحيين، إلا أن حداً أدنى من التضامن والتكاتف مازالوا يحافظون عليه برعاية من البطريرك الماروني. بالنسبة للطائفة الشيعية، فثنائية حزب الله وحركة أمل مازالت صامدة منذ أكثر من عقدين من الزمن، رغم العواصف والأعاصير التي عصفت بها، فكلا الطرفين يدركان الحاجة للآخر. حتى الطوائف الصغيرة ديموغرافياً نجحت في الحفاظ على مكتسباتها وحماية أبنائها. الدروز على سبيل المثال، رغم التناقض الصارخ بين بعض مكوناتهم، إلا أن الجميع متفقون على أن تأمين مصلحة أبناء الطائفة وحمايتهم خط أحمر.لكن ماذا عن المسلمين السنّة الذين يعدون الطائفة الأكبر في لبنان، هل يشعرون بالحماية والرعاية والاهتمام الذي يشعر به أبناء الطوائف الأخرى؟ هل يستفيدون من المكتسبات الممنوحة لطائفتهم، أم أن فريقاً ضمن هذه الطائفة هو الذي يستأثر بقطعة الجبنة ويحتكرها ويرفض مشاركتها مع أحد من أبناء الطائفة.هل يشعر السنّة في لبنان بوجود زعيم يمثلهم، يعيش بينهم، يشعر بوجعهم، يسعى لتأمين مصالحهم كبقية الطوائف الأخرى؟ الجواب على هذا التساؤل لا يكون بنعم أو لا، بل بالنظر لحالة اليتم والاستياء والضياع التي يشعر بها الكثير من المسلمين السنّة في لبنان.