19 سبتمبر 2025

تسجيل

سعة الصدر حكمة

07 فبراير 2016

حين يعطل المرء منا نفسه ويقفل أبواب عقله وقلبه أمام خبرات الآخرين، لاسيما في الحوار والتعاطي معه وتعلم فنونه وأساليبه الراقية، ولا يستفيد منها في حياته وتعاملاته مع الآخرين، فإنه سيكون كما لو أنه حبس نفسه في سجن آرائه الشخصية، حيث سلبية هذا السجن تتمثل في أن المرء المسجون فيه سيظل معتقداً لفترات تطول، أنه من يمثل الرأي الصواب فيما غيره دون ذلك! وحين يبدأ بمثل ذاك النوع من التفكير، فإنه لن يتوقف عادة، إلا بعد أن يكون قد تعمق وافترض في رأيه ديمومة الصواب دون الآخرين، وتبدأ مع تلك القناعة المشكلة تلو الأخرى في الظهور أمامه وهكذا.حين يظل المرء متمسكاً برأيه ومعتقداً صوابه وصحته وبطلان رأي غيره، فإنما يقود نفسه إلى حالة من عدم الاستقرار ويعيش توتراً مستمراً كان هو في غنى عنه، حيث لا يدفع عقله سوى بالاشتغال نحو كيفية إثبات صحة رأيه وتخطئة آراء الآخرين، الأمر الذي يجعله بمرو الوقت، لا يرى الصواب بشكل واضح جلي بسبب غشاوة تكون قد نشأت وتكوّنت على بصره قبل عقله، فهو بالتالي صار لا يرى سوى نفسه، وقد ألغى الآخرين!!ذاك النوع من المفاهيم يمكن اعتباره من نواقص الرجال والمعايب فيهم. إذ الأصل أن يعي المرء منا أنه ليس الكائن الوحيد المفكر في محيطه، وأن هناك من لديه القدرة أيضاً على أن يفكر ويشكّل رأياَ وجيهاً مثله، وعليه بالتالي أن يتوقع احتمالية وجود نسبة ولو ضئيلة من الصواب في الرأي المخالف له، وبدلاً من الدخول في الصراع معه على هذا الرأي، عليه أن يستفيد من نسبة الصواب الضئيلة في الرأي المخالف، لينطلق منها في بناء علاقة ود وتفاهم مع المخالف.هذه دعوة لتوسعة الآفاق والصدور من أجل حياة هادئة خالية من التوترات والمنغصات، فسعة الصدر هذه، أراها نوعاً من الحكمة التي هي ضالة المؤمن، إنّ وجدها فهو أحق بها.