15 سبتمبر 2025

تسجيل

أهل القرآن ودورهم في النهضة

07 فبراير 2015

إننا مهما حاولنا أن نكتب عن معالم النهضة الحضارية القرآنية لن ننتهي من الحديث، ولن ينتهي بنا بحره إلى ساحل، فالقرآن بحر، من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله: ذلك إن كان له برّ، أو وجدله ساحل. ولما كان أهل القرآن – الذين هم أهل الله وخاصته – يحملون هذا القرآن: حفظاً وتلاوة وتدبراً وعملاً وتعليماً، فلا يتصور أبدا أن تجدهم منفكين عن هذه المعالم أبدا، بل دائماً متلبسين بها جميعاً، فهم عن القرآن يصدرون، وإليه يرجعون، ومنه يغترفون، وفي نوره يسيرون، وبه يجاهدون البشرية جميعاً جهاداً كبيراً.إن أهل القرآن هم أهل السماحة والتواصل الفعال الحضاري بين البشر، حواراً موصولاً، وعطاء ممدوداً، لن تجد أحداً منهم مصاباً بالتعصب أو الانغلاق، ولن تجد أحدهم موبوءًا بالتحجر أو التحلل أو احتقار الخلق، إنما هو شخص منفتح على "الإنسانية" على البشرية على "بني آدهم"، كيف لا، وهو يدرج بين جنبيه كتاب الإنسانية؟!إنهم يحمون الناس من اليأس، ويضيئون أمامهم الطريق، وييسرون لهم العسر، ويذللون لهم الصعب، ويبثون فيهم الأمل، ويحيونهم بعد موات، ويهدون البشرية للتي هي أقوم، قال تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيرا)، "الإسراء".ومن الأدوار التي يمكن أن يؤديها أهل القرآن للأمة في هذا السياق ما يلي:- دور تربوي جماهيري، بحيث ينشرون هدايات القرآن، ومنهجه في إصلاح النفوس وترقيتها في مدارج الكمال الإنساني المنشود، فيصير الفرد إنساناً صالحاً مصلحاً، تتحقق فيه مقتضيات الاستخلاف والتكليف والعمارة.- دور إصلاحي اجتماعي، بحيث ينبني هذا الدور على الدور السابق فمتى تحققت الربانية في الأفراد سهل تحقيق الإصلاح الاجتماعي العام بحفظ نظام الأمة واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه وهو الإنسان وهو المقصد الأعلى من وضع الشريعة كما قال العلامة الطاهر بن عاشور وغيره.- دور تيسيري تبشيري، وهو دور يتغلغل في الأدوار الأخرى ويتسرب في تضاعيفها، بحيث يظهرون سماحة الإسلام ويسر الشريعة، فيستوعبون الناس، ويبسطون مظلة الإسلام على قطاعات البشرية العريضة.هذا وبالله التوفيق.