20 سبتمبر 2025

تسجيل

المواجهة بين أردوغان وتسيبراس!

07 فبراير 2015

لن تقف تأثيرات انتصار حزب سيريز في اليونان بزعامة نيكولاس تسيبراس على الداخل اليوناني أو القارة الأوروبية ممثلة بالاتحاد الأوروبي بل إنها ستطال أيضاً الواقع التركي.أشرنا في مقالة سابقة إلى جوانب من هذه التأثيرات، غير أن الواقع يفتح على احتمالات متعددة وكلها من النوع الذي يمكن أن يحدث تأثيرات سلبية عميقة في العلاقات الثنائية والإقليمية.يقدم تسيبراس اليساري نموذجا غاب منذ فترة طويلة عن أوروبا وهو اليسار الأقصى الذي يتقاطع مع الماركسية في الكثير من التوجهات، وغالبا ما كانت التحولات الجذرية لدى المجتمعات تقوم بها تيارات شابة تمتلك الجرأة والنظرة المتجددة إلى كيفية معالجة الكثير من المشكلات، واليونان واحدة من تلك المجتمعات التي اعتملت داخلها حالات التغيير.أمام المآزق الاقتصادية التي تواجه أوروبا والغرب والكثير من دول العالم في السنوات القليلة الماضية فإن شرارة التغيير في اليونان لن تقف عند حدودها. قد لا يكون المسار مشابها ولكنه سيستلهم مما جرى لبث روح جديدة تخرج أوروبا من جمودها وعجزها وشيخوختها التي طالما شمتت بها الولايات المتحدة الأمريكية.أما في تركيا فالقوى السياسية المختلفة تستعد لمعركة الانتخابات النيابية في السابع من يونيو المقبل والتي ستكون مفصلية سواء لتعزيز سيطرة حزب العدالة والتنمية على السلطة لمدة أربع سنوات مقبلة أو لجهة إلحاق ضرر بشعبيته بما يتيح للمعارضة أن تبدأ رحلة إسقاطه في السنوات اللاحقة.النزعة اليسارية لتسيبراس هي التي تحفز اليوم النقاش في تركيا لكي تتحالف القوى السياسية المعارضة لمواجهة حزب العدالة والتنمية. وقد تنجح هذه المحاولة لدى جانب كبير من المعارضة حيث يمكن للنزعات اليسارية لحزب الشعب الجمهوري المعارض وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي وبعض التشكيلات اليسارية الأخرى وربما بعض الأحزاب الإسلامية الصغيرة أن تنضوي تحت مظلته.ولو افترضنا أن هذه القوى قد تحالفت أو أعطت أصواتها في الانتخابات المقبلة مدفوعة بالرغبة في إسقاط أو إضعاف حزب العدالة والتنمية فإنها لن تجمع في أفضل الأحوال أكثر من35 إلى 38 في المائة وهي أقل بكثير من النسبة المتوقع أن يحصل عليها حزب العدالة والتنمية وهي من 45 إلى 50 في المائة.الحزب الذي يمكن أن يلعب دورا مهما هنا حزب الحركة القومية المعادي بشدة للأكراد وهي عداوة تحول دون أن يكون شريكا في أي تحالف محتمل لأن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي سيكون جزءا منه، إذا تجاوز حزب الحركة القومية هذه العقدة فإن الحديث عن نتائج مثيرة للانتخابات سيكون واقعيا.وفي السياق الإقليمي بات قيام أي رئيس وزراء يوناني جديد بأول زيارة خارجية له إلى قبرص الجنوبية اليونانية تقليدا مزمنا، كما هي الحال بالنسبة لأي رئيس جمهورية أو حكومة تركية جديد يقوم بأول زيارة خارجية له إلى قبرص الشمالية التركية.لم يتأخر تسيبراس اليساري عن مواصلة هذا التقليد لتتقدم النزعة القومية والدينية، رغم أنه ملحد، على أي نزعة أيديولوجية أخرى في العلاقة مع تركيا وقبرص.أكثر من ذلك بادر تسيبراس إلى تجاوز سقوف أسلافه بدعوة تركيا إلى سحب سفينة التنقيب عن النفط التركية برباروس المتواجدة في المياه الإقليمية القبرصية. واعتبر تسيبراس وجود السفينة انتهاكا للسيادة الوطنية القبرصية. مواقف تسيبراس مؤشر على ما ينتظر العلاقات الثنائية مع تركيا من تحديات وصعوبات. ولا يبدو أن تسيبراس سيكون بعيدا عن تفعيل التعاون النفطي والغاز الطبيعي مع جمهورية قبرص اليونانية لتجاوز الأزمة لاقتصادية في اليونان. وهو ما يفتح باب التوتر مع تركيا في شرق المتوسط. وهنا لا يعرف بعد ما إذا كان تسيبراس سوف يواصل تعزيز التعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة ومد خط الأنابيب المقترح من إسرائيل إلى اليونان فأوروبا والذي إذا بوشر به واستكمل فسيحدث انقلابا في معادلات الطاقة العالمية وفي شرق المتوسط لغير صالح تركيا.ينظر الكثير من المراقبين إلى ظاهرة سيريز وتسيبراس على أنها فورة عابرة سرعان ما يعود بعدها إلى الواقعية في التعامل مع مختلف القضايا، لكن الوجه الآخر من الميدالية لن يكون، في زمن الأزمات الثقيلة، بعيدا عن أن يكون جزءا من اللعبة.