15 سبتمبر 2025

تسجيل

عشاق السلطة.. ومأساة الأمم

07 فبراير 2014

لقد عانت أمتنا الإسلامية والعربية من مآسٍ ومحن من سلطة ظلمت واشتهرت بالفساد وجرّت الأمة إلى حروب ونكسات وأزمات اقتصادية وفقر وجوع وبطالة وهزائم متتالية.. وفتح البلاد أفكار معادية وتمزيق الناس في أحزاب وأفكار وثقافات وحرب لتدمير الإنسان وسلوكيات الناس.. نشأ عندنا جيل محبط ضائع الهوية يتخبط ودول ضعيفة.. تحولت بلادنا إلى استهلاك للشركات الأجنبية، وخيراتنا للشركات والدول الأخرى والناس فقراء وبلادهم غنية وهاجر الشباب يتيهون في البحار ويموتون في الغرق ويعانون المحن، وهرب عدد من المعارضين. كل هذا مفهوم ولا يحتاج إلى شرح، ولكن ما إن أراد الناس التغيير حتى سار هذا التغيير من دون هوية وبلا مستقبل، وإنما التغيير فقط. وتواصل الشباب فيما بينهم وقلد بعضهم بعضاً وكان هؤلاء الشباب لا خبرة لهم ولا دراسة لحقائق الوضع السياسي والهيمنة ومراكز النفوذ الخارجية وسيطرتها والعوامل المختلفة وخلفية الأوضاع وسعي هؤلاء. وعندما رأت الأحزاب ذلك وهي ذات خبرة وكلها مختلفة ولها وجهات وبرامجها وأجندتها دخلت بعناصرها تحت مسمى التغيير، حتى رموز الأنظمة السابقة الذين فقدوا مناصبهم تحولوا إلى قوى وطنية وركبوا الموجة وانضموا لهذه الثورات واستطاعوا بخبرتهم أن يجيروا الموضوع والثورات التي لا هدف لها سوى إسقاط الأنظمة في لحظة غضب، وكان ذلك خطرا إذا لم يوجد البديل الأفضل، وركبت الموجة الأحزاب والشخصيات واستطاعت الهيمنة وبرزت كقيادة. وما إن تولى هؤلاء حتى مارس الكثير منهم نفس الأسلوب وحكموا برموز وقوة الأنظمة السابقة وبنفس الثقافة ولم يستطيعوا أن يغيروا النظام السابق الذي ليس ممثلا بشخص، إذا ذهب انتهى الأمر، فهي مؤسسة وثقافة سنوات طويلة وإعداد ودور لدول كبرى في هذا لضمان الولاء، وإذا تم حل هذه المؤسسات فتجربة العراق ماثلة لفشل الدولة وظهور الدمار وشبح الخوف والموت الجماعي ونهاية لا صحوة وعافية بعدها بسهولة. لذا صارت الأمور بيد العوام، وانتقم أهل السلطة السابقة والنفوذ بتسهيل السلاح والفوضى انتقاماً لإثبات أنهم كانوا الأفضل، وجاء هؤلاء المعارضون رغم اختلاف أطروحاتهم ليصلوا إلى السلطة ويفرحوا بالمسميات ويضعوا همهم في البروتوكولات والإتيكيت والشهرة وتنكروا على حتى أعز الناس وأصبح الواحد منهم يجري وزراء السفريات والحصول على المميزات وجنون السلطة وعشقها مثل ما حصل للأولين.دعونا نتكلم بصراحة أكثر، فما حصل في مصر من تجربة فاشلة للأسف الشديد من عدم الحكمة وقراءة الأوضاع حتى أني عندما رأيت الرئيس السابق مرسي لازال مصراً على أنه الرئيس والشرعية رغم علمه أنه وقع في فخ شديد الإحكام، وكان يحكم بنظام مبارك وعزل نفسه وتمكن خصومه من تركه يدفع فاتورة نظام مبارك، وكان محللاً يذكرني ذلك بامرأة مطلقة تزوجت شخصاً بحيلة لتستخدمه محللاً وتعود لزوجها السابق.ولذا كان على مرسي وهو مظلوم وما قيل عنه لا أساس له بل هو تلفيق أكثره أن يقتنع ويعترف هو ورفاقه بالخطأ الكبير في قبوله تولي ذلك المنصب وبعدم استماعه للنصائح واهتمامه بالشكل والمظهر ولازال.. فكان عليه أن يكون واقعياً ويقدم البلاد على ذاته والخروج من هذه المحنة بأقل الخسائر ومراجعة الأخطاء وتقييم الوضع.وكذلك ليبيا وماذا جرى فيها والصراع على السلطة والعنف، فإن عجز السلطات وتياراتها المختلفة عن ضبط الأمن، وكذلك اليمن لم يدرك الجميع ذلك فالوزراء والمسؤولون أغلبهم أغرتهم السلطة وشهرتها ووضعوا بينهم وبين الشعب وهمومه حواجز واهتموا بالمظاهر، ورأيت كيف أغرتهم السلطة وأصبح بعضهم يعيش في برج عاجي بعد أن كان ينتقد النظام السابق ويتنكر لكل المبادئ وعدم سماع الرأي والنصيحة والمشاورة والإعجاب النفس، وكذلك الرئيس السابق ما زال يعشق السلطة ويريد العودة والانتقام، وكذلك رموز ورؤساء سابقين كالبيض وعلي ناصر وغيرهم.. وكنت أتمنى أن يتحول علي عبدالله صالح والبيض والعطاس وعلي ناصر كسفراء مصالحة وكسفراء لأعمال إنسانية ويقتدوا بما قام به بوش وكلينتون وبلير تحولوا لأعمال أخرى، وأن يعتبروا بمانديلا. رأيت بوش وكلينتون بإفريقيا بوفد إنساني برئاسة مساعدة وزير الخارجية، ورأيت بيريز عمل وزيراً وغيره رؤساء سابقين، فلماذا يصر بعضنا على أن يبقى في المنصب عشرات السنين ولا يترك الفرصة لغيره، ولكن في المقابل لماذا إذا ترك هؤلاء السلطة لا يستفاد من تجاربهم وخبراتهم ونتعلم من الغربيين؟ّ! ولذا، فإن عشق السلطة والمناصب مرض عند الساسة والعلماء والمفكرين وعقدة كيف علاجها، إنها ثقافة تحتاج إلى تغيير وليعرف هؤلاء أن الدنيا زائلة ولا يبقى فيها إلا وجه الله وأنهم نازلون إلى القبور بخرق بيضاء وتأكلهم الديدان وينزلون بلا حرس ولا بروتوكول وتنزع صورهم ويسبح المنافقون بالمديح للحكام الجدد.. فاعتبروا يا أولي الألباب.