13 سبتمبر 2025
تسجيللازلت اتذكر جيدا - وأعتقد أنتم كذلك - الوعد الذي قطعه على نفسه وزير الرياضة التايواني تشين تشوان قبيل انطلاق دورة الالعاب الآسيوية بالدوحة في ديسمبر الماضي، عندما أعلن انه سيقدم استقالته اذا فشل اللاعبون التايوانيون في إحراز 15 ميدالية ذهبية على الاقل بالدورة. تايوان أحرزت 9 ميداليات ذهبية و10 ميداليات فضية و27 ميدالية برونزية، أي انها احرزت 46 ميدالية، ولكن اخفقت البعثة التايوانية في إحراز 15 ميدالية ذهبية كما وعد بها الوزير، فماذا كان موقف هذا الوزير ؟ وهل نسي ما وعد به قبل بدء الدورة ؟. الدورة انتهت في 15 ديسمبر. . الوزير قدم استقالته في 18 ديسمبر، اي بعد 3 ايام فقط من انتهاء الدورة، مبرراً تقديم الاستقالة بالنتائج ’’ الهزيلة ’’ التي حققتها البعثة التايوانية خلال الدورة. هذا الموقف ربما عادي في عدد من الدول، فعندما يعجز مسؤول ما عن تحقيق ما وعد به المواطنين، او يكون طرفا في تقصير حدث في مشروع، او اخفاق تداعى هو طرف فيه. . . ، فان التنحي وتقديم الاستقالة، واعلان تحمله المسؤولية كاملة عن ذلك، يكون امرا واردا ومتكرر الحدوث، ولكن هل يحدث ذلك عندنا ؟. نسمع كثيرا عن اخطاء في وزارات ومؤسسات، واخفاقات في مشاريع، وتقصير في تقديم خدمات مختلفة. . . ، ولكن لم نجد من يخرج ويعلن مباشرة عن تحمله لمسؤولية تجاه ما حدث من أخطاء، ويعلن تنحيه وافساح المجال امام عناصر اخرى لتصحح المسار. . . . أجزم ان من يفعل ذلك سيكبر في أعين الناس ، وسيحترمه الجمهور، وسيصفقون له تقديرا لشجاعته. . . ، فليس عيبا اذا ما تعرض مسؤول لاخفاق ان يعلن تنحيه عن منصبه، فالفشل في تنفيذ خطط ما لا يعني بالضرورة الفشل في مناح أخرى من الحياة. هذه الاشكالية ليست محصورة عندنا، بل انه في العالم العربي لا تجد مسؤولا يخرج في مجتمعه يعلن عن تنحيه عن منصبه لأنه لم يستطع الايفاء بتعهداته، او لم يستطع الالتزام بتنفيذ مشروع ما. . . ، الا من رحم ربي، وقليل منهم، فهل العالم العربي ’’ منزه ’’ من الاخطاء والاخفاقات والمشاريع الفاشلة. . . ؟. على العكس من ذلك تماما، هناك عشرات المشاريع الفاشلة، ولكن أصحابها لازالوا يتولون المناصب، ويتشدقون عبر وسائل الاعلام بانجازات وهمية، ويحاولون التغطية على فشلهم عبر دعايات غير حقيقية. نريد من المسؤول ان يمتلك الشجاعة الكافية التي تجعله يعترف بخطئه اذا ما وقع، ويعلن عن تقصيره اذا ما حدث، ويعلن بشجاعة تنحيه عن منصبه اذا لم يستطع تنفيذ تعهداته. . . . نريد مسؤولا يقول انا اخطأت، وقصرت، ولم استطع الايفاء بمتطلبات المسؤولية كاملة. . . ، وبالتالي سأترك المنصب لغيري لاكمال المهمة، فهل يمكن ان يحدث ذلك ؟.