12 سبتمبر 2025
تسجيلالانخفاض الأخير في أسعار النفط يفرض على الاقتصادات العالمية الكثير من الإجراءات الاحترازية والتحوط للمحافظة على أداء مقنع يساعد على الانتعاش خلال 2015، في إطار إعادة تقييم الخطط والمشروعات الاستثمارية من خلال تفضيلات الأهم على المهم، خاصة في الدول المصدرة للنفط،التي ستتأثر من تراجع الأسعار،حيث ستشكل الأزمة ضغطًا على اقتصاداتها، وهو ضغط لن تستطيع مواجهته إلا الدول التي تملك احتياطيا نقديا كافيا، ومن ثم ستعاني من أزمة في ميزان المدفوعات لعام 2015،حيث إن الهبوط الحاد في أسعار النفط قد أضر بالجميع، مما يدفع بلدان مثل روسيا وفنزويلا، إلى التخلف عن التزاماتها في مواجهة استحقاقات الديون، وقد يمتد ذلك لباقي الدول المصدرة للنفط، وحتى منطقة اليورو التي أصابتها حالة الركود والتضخم الذي يدفعها إلى الانكماش في عام 2015، رغم جهود البنك المركزي الأوروبي لتجنب ذلك،والصين التي تعاني من تباطؤ النمو الاقتصادي، وأيضا روسيا التي تعاني من تأثير العقوبات الاقتصادية الغربية، وهذا الوضع العالمي دفع صندوق النقد الدولي إلى تغيير تقديراته، بعد أن كان قد توقع انتعاشا اقتصاديا عالميا في عام 2015 بمعدل نمو عالمي 3.8% بزيادة 5% عن معدل النمو في عام 2014، وأقر بأن الاقتصاد العالمي في 2015 غالبا سيكون أضعف بشكل ملحوظ مقارنة بعام 2014، ومن ثم فإن ضعف الاقتصاد العالمي سوف يؤدي حتما إلى تباطؤ النمو بدول مجلس التعاون الخليجي والدول الإفريقية المصدرة للنفط، وهي تحديات اقتصادية صعبة قد تؤثر على الاستقرار السياسي، لأن السوابق التاريخية توضح أن الأزمات الاقتصادية إذا صاحبها تدهور اجتماعي وأمني، في ظل حدوث ركود أو تباطؤ في النمو العالمي، تعد أحد مداخل موجات التغيير كما حدث في شرق أوروبا والمنطقة العربية، إلا إذا حدث انتعاش نسبي في الاقتصاد العالمي وفق الرؤية الهشة لصندوق النقد الدولي التي تتوقع الانتعاش مع تسارع نمو الاقتصاد الأمريكي إلى 3.1 % في عام 2015، لأن تحسن اقتصاد الولايات المتحدة يعني نظريا تحسنا عاما في أداء الاقتصاد العالمي، نظرا لأهمية الولايات المتحدة وتأثيرها فيه، وأنه في ذات الوقت سيؤدي إلى رفع نسبة الفوائد في الولايات المتحدة وجلب المزيد من الاستثمارات إليها، ومن ثم ترتفع قيمة الدولار بما يؤدي إلى هبوط العملات الأخرى في البلدان التي اقترضت بالدولار،مما يجعلها تعاني من عدم القدرة على دفع ديونها نظرا لارتفاع قيمتها مقابل عملتها المحلية، وكذلك التوقع بالنمو السريع في أجزاء كبيرة من العالم النامي مثل الصين والهند وإندونيسيا، والمملكة المتحدة،التي تخطط إلى خفض الإنفاق الحكومي، مع الاستفادة من العائد الناتج من انخفاض تكلفة الطاقة الناتجة من تراجع سعر النفط في الأسواق العالمية، وتلك المحركات تستبعد نسبيا حدوث ركود عالمي آخر، وإن كان ذلك يحتاج إلى حزم لتحفيز الاقتصاد، مع السياسات المالية المناسبة، وعدم وجود تأثيرات سلبية للتوترات الجيوسياسية المشتعلة في أماكن متفرقة من العالم، لأنها تشكل تحديات غير متوقعة بالنسبة للانتعاش العالمي، خاصة أن كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي تقول إنه من المنتظر أن يتسارع النشاط الاقتصادي العالمي في العام 2015 بعد الصورة القاتمة التي رسمها البعض بعد انهيار أسعار النفط، وأن هذا يحتم على الدول العمل على تعزيز النمو خاصة بالاستثمار في البنية التحتية والتعليم والصحة ما دامت قادرة على تحمل الدين وهذا يشير إلى توقع نمو الاقتصاد العالمي بمعدل 3.9% عام 2015، وهذا يمثل أقوى عام من النمو في أربع سنوات، وفي المقابل فإن أبرز المتغيرات في عام 2015 أن الاقتصادات الصاعدة ستشهد معدلات نمو هي الأبطأ منذ سنوات، بما في ذلك الصين التي من المتوقع أن تنمو بنسبة 6.5٪، بعد أن كانت تنمو بما لا يقل عن 10٪ لعقود طويلة، بالإضافة إلى الهند والبرازيل وروسيا، ومن المتوقع أيضا أن تستمر أزمة اليورو خلال 2015، وفي فرنسا يعتبر البعض أن اليورو كعملة قوية لا يساعدهم في أزمتهم الاقتصادية لاسيَّما أن اليونان على أعتاب مرحلة انتخابية،كما لا تزال إيطاليا وإسبانيا تعانيان من الركود الاقتصادي،رغم أن الحكومة الإيطالية قد بدأت حزمة من الإصلاحات لإنعاش الاقتصاد.