18 سبتمبر 2025

تسجيل

الدعوة للسلام والوحدة حتى إذا انفصل الجنوب !

07 يناير 2011

تبقت أيام قليلة لإجراء الاستفتاء لتقرير المصير..وهو أمر اتفق عليه قبل خمس سنوات بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.. وكيفما تكون نتيجة الاستفتاء فإن ذلك يأتي في إطار( الوفاء بالعهود) التي ظلت الحركة الشعبية تتهم بها المؤتمر الوطني وقياداته.. ولكن كما يقول المثل( الموية تكذب الغطاس) فإن المؤتمر الوطني أوفى ما تم الاتفاق عليه وهذا الذي سيجري بعيد أيام هو آخر استحقاقات الاتفاقية.. فهل أوفت الحركة الشعبية بما اتفقت عليه في اتفاقية واضحة البنود والمعالم وهل تنازلت الحركة عن مواقفها الظاهرة والباطنة ولو بمقدار سنتميتر واحد!؟.. لا أعتقد ذلك وهذا يبدو واضحاً من تصرفات منسوبيها وقيادتها.. فقد ظل باقان وعرمان في حالة تصريحات معادية خلقت جواً من التوتر للعديدين من قيادات المؤتمر.. هي مواقف وتصريحات غير مقبولة ومواقف معادية ويمكن جمعها وحصرها وإعلانها في كتاب موثق للتأكيد على أن الحركة خانت العهد وخططت منذ اليوم الأول للانفصال وتشديد الضغوط العربية على الشريك الأكبر مرات بالتعامل مع أحزاب المعارضة فتصبح( حاكمة ومعارضة) أو مع حركات دارفور فتعود بذلك إلى حالة التمرد( ما قبل الاتفاقية) وتارة رابعة بتحريض الجنائية على سيادة الدولة ورمزها.. وخامسة بطلب عدم رفع العقوبات عن السودان من قبل فارضيها وسادسة بتحريض امريكا بعدم تطبيع علاقاتها مع السودان وسابعة بإنشاء سفارات موازية في العديد من بلدان الإقليم والعالم وثامنة بتوجيه الاتهامات الجزائية للحكومة وهي شريكة فيها ومنفردة بحكومة الجنوب... وقد لاحظنا أيضاً ونحن نراقب مسارات اتفاقية السلام الشامل التي هدفت أول ما هدفت إلى وقف العدائيات، ثم وقف الحرب، ثم العيش في سلام وتفاهم ووئام، لاحظنا أن القيادة المتمثلة في المؤتمر الوطني لم تتحدث ولو لمرة واحدة عن التقسيم أو الانفصال، لأن الحفاظ على الوحدة والسلام هو مبدأ التزمت وعهد قطعته ووثيقة وقعت عليه بل حتى بعد أن غيرت قيادات حكومة الجنوب موقفها وخلعت سترة السلام والوحدة وصدرت عنها تصريحات وتلميحات تقول بأنهم سوف يعلنون( الاستقلال) من داخل المجلس التشريعي للجنوب، وأنهم سوف يعملون على جلب الاعتراف والدعم والمساعدات التي تمكنهم من إدارة الدولة الجديدة، وبدأوا في ذلك منذ البدء في إنفاذ الاتفاقية، من فتح قنصليات وممثليات في مختلف البلدان وتجهيزات عسكرية، سلاح ثقيل ومروحيات هجومية وقاذفات، إيواء متمردي دارفور، وتصريحات الأمين العام التي قالت أن الحرب هذه المرة سوف تكون من نوع آخر وأنهم سوف يغزون الخرطوم، وتجمعات في المناطق الحدودية.. والاحتفال بالدولة الجديدة في شكل مظاهرات والبحث عن نشيد وطني.. المهم كل هذه السلوكيات التي سبقت الاستفتاء هي عبارة عن خرق صريح للاتفاقية وخروج عن النصوص.. والقيادة في المؤتمر الوطني ما زالت تتمسك بالوحدة والسلام ليس خشية من أحد ولكن مبدأً وواجباً ومسؤولية.. إذن على الطرف الذي ينادي بالانفصال والذين يدفعونه لفعل ذلك أن يتحمل مسؤولية نقض العهود وفصل الجنوب واقتطاع جزء مهم من بلادنا ليكون نهباً للآخرين من دول الجوار والطامعين المطلين من وراء البحار بحثاً عن ثروات الشعوب في غفريقيا التي يظنون أنها سهلة المنال ويعتقدون جازمين أن ثروات هذه القارة هي من أملاكهم الخاصة. إن شعب السودان كله في شرقه وغربه ووسطه وشماله بل وفي جنوبه يريدون وحدة التراب ويريدون امتداد أواصر الإخاء والمواطنة.. ولكن القلة القليلة التي تحمل السلاح وتسدد الديون عليها من بعض الدول والمنظمات هي التي تقود الأمور صوب الانفصال.. فثلاثون بالمائة من سكان جنوب السودان على الأقل مسلمون ويريدون الوحدة وثلاثون بالمائة من غير المسيحيين ولم يقعوا في شباك القوى المسيحية يريدون الوحدة وعشرون بالمائة من الجنوبيين( نخب ومثقفون وغيرهم) ليسوا مع المتطرفين من الحركة في انحرافها تجاه الانفصال، بل إن عشرة بالمائة من منسوبي الحركة لا يريدون هذه الدعوة ولا يوافقون عليها.. تبقى الفئة القليلة جداً من قادة الحركة والمتحكمين عليها هم الذين يدفعون بالأمور تجاه الانفصال والوقوع في أحضان بعض دول الإقليم والأمبريالية العالمية والقوى الصهيونية التي تعتقد أنها عندما تسيطر على هذه الدولة الجديدة فإنها سوف تحكم قبضتها على مياه النيل الذي لا يشكل سوى عشرين بالمائة من جملة المياه العابرة بالسودان. هل تعلم عزيزي القاريء بأن التمرد هو الذي دمر الجنوب نكاية في الحكومات السابقة فأول مصنع للنسيج في السودان أقامته الحكومة في إنزارا جنوب السودان وأن أول سد انشيء في السودان كان في مريدي بالاستوائية وأن مصنع سكر ملوط بعد أن اكتمل إعداده دمره المتمردون وأن جميع المنشآت الحكومية التي كانت بالولايات الجنوبية كانت أهدافاً لتخريب المتمردين مثل المدارس والجامعات والمستشفيات والجسور... هذه حقائق لا يستطيع أن ينكرها إلا مكابر وهي تقف حتى اليوم شاهدة على خطل وكذب الادعاءات بأن الحكومات السودانية أهملت وهمشت الجنوب أو أي منطقة من مناطق السودان.